وبالرغم من كلّ هذه النصوص الواردة بحق الصادق ( عليه السلام ) ، وما قام به الصادق من دور في تركيز لهذه النظريّة ، قال أحمد الكاتب : ( لا توجد في التراث الشيعي أحاديث كثيرة عن موضوع النص عليه - الإمام الصادق - أو الوصيّة له من أبيه في الإمامة ، ما عدا رواية تتحدّث عن وصيّة عاديّة جداً ) [1] . وحتّى هذه الرواية التي لم يفهم الكاتب مغزاها ، كانت تحمل بين طيّاتها الوصيّة والنص على الإمام الصادق ( عليه السلام ) ، وإليك نصّ الرواية : عن أبي عبد الله قال : « إنّ أبي ( عليه السلام ) استودعني ما هناك ، فلمّا حضرته الوفاة قال : ادعُ لي شهوداً ، فدعوت له أربعة من قريش فيهم نافع مولى عبد الله بن عمر ، فقال : اكتب : هذا ما أوصى به يعقوب بنيه ( يَا بَنِىَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الْدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) ، وأوصى محمّد بن علي إلى جعفر بن محمّد ، وأمره أن يكفّنه في بُرده الذي كان يصلّي فيه الجمعة ، وأن يعممه بعمامته وأن يربع قبره ويرفعه أربع أصابع . . . قال للشهود انصرفوا رحمكم الله ، فقلت له : يا أبت - بعدما انصرفوا - ما كان في هذا بأن تشهد عليه ؟ فقال : يا بني ، كرهت أن تُغلب وأن يقال : إنّه لم يُوصَ إليه ، فأردت أن تكون لك الحجّة » [2] . فأراد الإمام الباقر ( عليه السلام ) أن يثبت عنوان الوصيّة للصادق فقط أمام هؤلاء ، ويكون وصي أبيه . وهناك روايات كثيرة نقلنا بعضها دلّت على أنّ الباقر نصّب الصادق ( عليه السلام ) إماماً للمسلمين ، فالنتيجة النهائيّة أنّه وصي أبيه أمام هؤلاء ، وإماماً للمسلمين عند أصحابه وأنصاره ، ولهذا قال الإمام الباقر له في ذيل هذه الرواية : « فأردت أن تكون لك الحجّة » . فعنوان الوصيّة هو الحجّة ، والغريب أنّ أحمد الكاتب قال بعد أسطر : ( إنّ الإمام الصادق نافس عمّه زيداً اعتماداً على موضوع الوصيّة من أبيه ) [3] .
[1] أحمد الكاتب ، تطوّر الفكر السياسي : ص 39 . [2] الكافي : ج 1 ، ص 368 باب الإشارة والنص على أبي عبد الله جعفر بن محمّد الصادق ( عليه السلام ) . [3] أحمد الكاتب ، تطوّر الفكر السياسي : ص 39 .