الأصول وتفرّع الأحكام عليها إنّما نشأت من ملاحظة بعض مباحث كتب الأصول ممّا هي شبيهة في كيفيّة الاستدلال والنقض والإبرام بكتب العامّة ، فظنّوا أنّ بيان استنباطهم الأحكام الشرعيّة أيضاً شبيهة بهم من استعمال القياس والاستحسان والظنون ، مع أنّ المطّلع على طريقتهم في استنباطها يرى أنّهم لم يتعدّوا عن الكتاب والسنّة والإجماع الراجح إلى كشف الدليل المعتبر ) [1] . وبكلام الإمام هذا برّأ نفسه والأصوليين الإماميّة من التهم الموجهة إليهم من رجل لا يحق له التحدّث عن هكذا مباحث لأنّها من شأن الفقهاء . وبعد أن وجد الكاتب أنّ الإمام الخميني يصرّح بنفي القياس والاستحسان وغيرهما ، كذب عليه مرّة أُخرى ، فنسب إليه العمل بالاجتهاد مقابل النص [2] . وخالف الكاتب في نسبته هذه إلى السيّد الإمام أبسط قضيّة اتفق عليها الفكر الشيعي ، وهي حرمة الإجتهاد مقابل النص الذي عرّفها السيّد تقي الحكيم بأنّها : إعمال الرأي في التماس الحكم الشرعي مع إغفال النص القائم على خلافه [3] . وتسمية ذلك باجتهاد من قبل الإماميّة مراعاة لبعض الأمور ، وإلاّ أي اجتهاد هذا يضرب النص الشرعي ويأتي برأيه ، وبمعنى آخر : تكذيب للشريعة ، وإدخال الأهواء فيها . فالإماميّة لم يقفوا عند حد إنكار مسألة الإجتهاد مقابل النص الذي اتهم الكاتب السيّد الخميني بها فقط ، بل لم يسمّوا ذلك اجتهاداً أصلاً ، إلاّ لظروف استثنائيّة حفاظاً على وحدة المسلمين ، وإلاّ أي اجتهاد هذا الذي يقول : ( متعتان كانتا على عهد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأنا أنهى عنهما وأُعاقب عليهما ، متعة الحجّ ومتعة النساء ) [4] . والسرّ الذي دعا الكاتب أن يفقد عقله في نسبة الإجتهاد مقابل النص إلى السيّد
[1] الرسائل : ج 2 ، ص 97 . [2] أحمد الكاتب ، تطوّر الفكر السياسي : ص 333 . [3] مقدمة الإجتهاد والنص : ص 14 . [4] تفسير الرازي : تفسير قوله : ( من تمتع بالحج إلى العمرة ) ، سورة البقرة .