النصوص في الأكثر ) . وفَصَل المحقّق الحلّي الإجتهاد عن القياس فقال : ( على هذا يلزم أن يكون الإماميّة من أهل الإجتهاد ؟ قلنا : الأمر كذلك ، لكن فيه إيهام من حيث أنّ القياس من جملة الإجتهاد ، فإذا استثني القياس كنّا من أهل الإجتهاد في تحصيل الأحكام بالطرق النظريّة التي ليس أحدها القياس ) [1] . وقال السيّد الخوئي في تعريفه للاجتهاد : ( بذل الوسع لتحصيل الحجّة على الواقع أو على الوظيفة العمليّة الظاهرية ) . فقالت الشيعة بهذا المعنى من الإجتهاد ، ورفضوا المعنى الأوّل ، فخلط الكاتب بين المعنيين ، ولم يستطع التمييز بينهما ، فحمّل الشيعة ما لم يقولوه ، حمّلهم تبعات استنتاجه الخاطئ وعدم تمييزه بين المعنى الخاص للاجتهاد ومعناه العام . وبقي هنا سؤال : لماذا لجأ السنّة إلى الإجتهاد بهذه المعاني : القياس ، الاستحسان ، المصالح المرسلة ؟ السرّ في ذلك هو نقص النصوص اللفظيّة لتغطية وقائع الحياة ، لأنّهم وقفوا بعد وفاة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على عدم استمرار الإمامة ، ولهذا يقول ميمون بن مهران : ( وكان أبو بكر إذا ورد عليه الخصم نظر في كتاب الله ، فإن وجد فيه ما يقضي بينهم قضى به ، وإن لم يكن في الكتاب وعلم عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في ذلك الأمر سنّة قضى بها ، فإن أعياه خرج ، فسأل المسلمين ، فقال : أتاني كذا وكذا ، فهل علمتم أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قضى في ذلك بقضاء ؟ فربما اجتمع إليهم النفر كلّهم يذكر فيه قضايا ، فيقول أبو بكر : الحمد لله الذي جعل فينا من يحفظ علينا علم نبيّنا ، فإن أعياه أن يجد فيه سنّة عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) جمع رؤوس الناس وخيارهم فاستشارهم ، فإذا اجتمع رأيهم على أمر قضى به ) [2] . وقال عمر بن الخطّاب لأحد عمّاله : ( فإن جاءك ما ليس في كتاب الله ولم يكن فيه
[1] معارج الأصول : ص 117 . [2] دائرة المعارف ، الإنصاف في بيان سبب الاختلاف : ج 3 ، ص 212 .