أنّ أُولي الأمر المذكور في الآية لا بدّ أن يكون معصوماً ) [1] . بينما نجد الكاتب يقول : بأنّ من يفهم من الآية هذا المعنى مخالف للعرف والعقل والآيات الأُخرى ، لأنّه جعل العرف والعقل والآيات الأُخرى كلّها أدلّة على فهم النسبيّة في الطاعة التي تتحدّث عنها الآية ، فاتهام الرازي بعدم معرفته بالعرف والعقل وآيات القرآن ومن قبل الكاتب من عجائب الدنيا . ثمّ راح الكاتب يشوّش ذهن القارئ فقال : ( فإنّ المسلمين الأوائل لم يكونوا يفهمون من معنى الإطلاق والطاعة لأُولي الأمر حتّى في المعاصي والمنكرات ، وقد رفضت جماعة من المسلمين كان الرسول الأكرم قد أرسلها في سريّة وأمّر عليها رجلاً طاعة ذلك الرجل عندما أمر الجماعة في وسط الطريق بدخول نار أشعلها وطالبهم بالامتثال لأوامره ، وقالوا له : لقد فررنا من النار فكيف ندخل فيها ) [2] . ومن الغريب جدّاً أن يجعل الكاتب مورد نزول الآية دعابة فعلها عبد الله بن حذافة ، تقول الرواية : إنّ عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي السهمي إذ بعثه النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في سريّة ، قال أبو عمر : وكان في عبد الله بن حذافة دُعابة معروفة ، ومن دُعابته أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أمّره على سريّة فأمرهم أن يجمعوا حطباً ويوقدوا ناراً ، فلمّا أوقدوها أمرهم بالتقحّم فيها ، فقال لهم : ألم يأمركم رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بطاعتي ؟ وقال : « من أطاع أميري فقد أطاعني » ، فقالوا : ما آمنّا بالله واتبعنا رسوله إلاّ لننجو من النار ، فصوّب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فعلهم ، كما يقول القرطبي [3] . لقد أصبح القرآن عند الكاتب نازلاً لدعابات يلعب بها عبد الله بن حذافة ، وليس لهداية البشريّة ، فمورد نزول الآية عند الكاتب هو دعابة يلعب بها عبد الله بن حذافة ، ورفض أن يكون مورد نزول الآية علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، تقول الرواية : رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعث سرية يوماً على رأسها علي ، فصنع علي شيئاً أنكروه ، فتعاهد أربعة
[1] التفسير الكبير : ج 10 ، ص 116 . [2] أحمد الكاتب ، تطوّر الفكر السياسي : ص 79 - 80 . [3] الجامع لأحكام القرآن : ج 5 ، ص 260 .