الأُمّة ، فيجوز فيها اختيارهم ، إنّ الإمامة أجلّ قدراً ، وأعظم شأناً ، وأعلى مكاناً ، وأمنع جانباً ، وأبعد غوراً ، من أن يبلغها الناس بعقولهم ، أو ينالوها بآرائهم ، أو يقيموا إماماً باختيارهم . إنّ الإمامة خصّ الله عزّ وجلّ بها إبراهيم الخليل ( عليه السلام ) بعد النبوّة والخلّة مرتبة ثالثة وأشاد بها ذكره ، فقال : ( إنّي جاعلك للناس إماماً ) » [1] . وهي التي قال عنها الإمام السجّاد ( عليه السلام ) : « نحن الذين بنا يمسك الله السماء أن تقع على الأرض إلاّ بإذنه ، وبنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها ، وبنا ينزّل الغيث ، وبنا ينشر الرحمة ويخرج بركات الأرض ، ولولا ما في الأرض منّا لساخت بأهلها » [2] . لذا عندما يُسأل الإمام الباقر ( عليه السلام ) ويُقال له : لأيّ شيء يحتاج إلى النبي والإمام ؟ فقال ( عليه السلام ) : « لبقاء العالم على صلاحه . وذلك أنّ الله عزّ وجلّ يرفع العذاب عن أهل الأرض إذا كان فيها نبي أو إمام ، قال الله عزّ وجلّ : ( وما كان الله ليعذّبهم وأنت فيهم ) [3] » . من هنا عبّر الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن هذا الدور لأهل بيته ( عليهم السلام ) بقوله : « النجوم أمان لأهل السماء ، وأهل بيتي أمان لأهل الأرض ، فإذا ذهبت النجوم أتى أهل السماء ما يكرهون ، وإذا ذهب أهل بيتي أتى أهل الأرض ما يكرهون » [4] . ولعلّ تشبيه انتفاع الناس بالحجّة في زمان غيبته ، عندما يُسأل الإمام الصادق ( عليه السلام ) : فكيف ينتفع الناس بالحجّة الغائب المستور ؟ قال ( عليه السلام ) : « كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب » [5] يشير إلى حقيقتين أساسيّتين : الأُولى : أنّ الانتفاع به لا يختص بعالم التشريع والاعتبار ، بل يتجاوز ذلك إلى عالم التكوين . الثانية : أنّ هذا الأمر غير محسوس ومرئي للناس ، بل يرتبط بعالم الغيب لا نشأة
[1] الأُصول من الكافي : ج 1 ، ص 199 ، كتاب الحجّة ، باب نادر وجامع في فضل الإمام وصفاته . [2] بحار الأنوار : ج 23 ، ص 6 ، ح 10 . [3] الأنفال : 33 . [4] بحار الأنوار : ج 23 ، ص 19 ، ح 14 . [5] بحار الأنوار : ج 23 ، ص 6 ، ح 10 .