الشهادة . وتأسيساً على ما تقدّم فنحن نعتقد أنّه لا يمكن الوقوف على فلسفة ما اشترطناه في الإمامة من العصمة والنص والديمومة والعلم الخاص ، إلاّ إذا أدركنا المهام والمسؤوليّات التي أُنيطت بدور الإمامة والخلافة في النظريّة القرآنيّة . وخصوصاً ما نصطلح عليه ب ( الدور الوجودي ) للإمام ( عليه السلام ) ، وهو غير ( الدور التشريعي ) و ( القيادة السياسيّة ) و ( القدوة الصالحة ) . بل إن صحّ التعبير فإنّ هذه الأدوار إنّما هي ثمرات ذلك الأصل التي عبّر عنه القرآن الكريم ب ( الشجرة الطيّبة ) التي ( أصلها ثابت وفرعها في السماء * تؤتي أُكلها كلّ حين بإذن ربّها ويضرب الله الأمثال للناس لعلّهم يتذكّرون ) [1] . ومن الواضح أنّ هذه المقدّمة لا تتسع للدخول في بيان تفاصيل هذه النظريّة القرآنيّة ، لكن نقول على نحو الإجمال والإشارة ، أنّ هناك طريقين لفهم هذه الحقيقة القرآنيّة ، يختلف أحدهما عن الآخر في الآثار والنتائج المترتبة عليهما : الطريق الأوّل : أن نرجع إلى القرآن والسنّة المباركة لنرى ماذا يقولان عن حقيقة الإمامة وشرائطها ، بقطع النظر عن المسؤوليّات والوظائف التي أُلقيت على عاتقها . الطريق الثاني : وهو الأُسلوب الذي اتبعه كثير من علماء الكلام من الفريقين ، وهو الذي سمّي في كلماتهم بالدليل العقلي لإثبات الإمامة وشرائطها . ومنطلقه أن تحدّد المسؤوليّات الأساسيّة التي أُلقيت على عاتق النبي أو الإمام ، ثمّ يلتزمون بالشرائط التي لا بدّ من توفّرها في الشخص المسؤول عن ذلك ، من خلال معرفة حدود تلك الوظائف ، ومدى المسؤوليّات التي ينهض بها الإمام [2] . ويمكن التعبير عن الطريق الأوّل بالمنهج اللمّي الذي يتحرّك من العلّة إلى المعلول لأننا نبحث فيه الإمامة في نفسها لنتعرّف على الإمامة القرآنيّة التي وردت
[1] إبراهيم : 24 - 25 . [2] العصمة ، محاضرات السيّد كمال الحيدري ، بقلم محمّد القاضي ، ص 18 ، الطبعة الخامسة .