تضعيف الحديث ثمّ الإحتجاج به من الواضح الجليّ أنّ الباحث إذا اعتقد بضعف حديث لسبب معيّن ، إمّا لوضعه أو لجهالة في السند أو ما شابه ذلك ، فإنّه لا يحتجّ به على الخصوم ، لأنّ منتهى الحجّة به خصومة نفسه بعد أن ضعّفه ، وقد اتّبع أحمد الكاتب هذا الطريق ، فقد نقل حواراً بين زيد الشهيد وبين أخيه الإمام الباقر ( عليه السلام ) ، وقال : ( فدخل زيد ذات مرّة على أخيه الباقر ومعه كتب من أهل الكوفة يدعونه فيها إلى أنفسهم ويخبرونه باجتماعهم ويأمرونه بالخروج ، فقال له أبو جعفر : « هذه الكتب ابتداء منهم أو جواب ما كتبت بهم إليه ودعوتهم إليه » ؟ فقال : بل ابتداء من القوم لمعرفتهم بحقّنا وبقرابتنا من رسول الله ، ولما يجدون في كتاب الله عزّ وجلّ من وجوب مودّتنا وفرض طاعتنا ، ولما نحن فيه من الضيق والضنك والبلاء ، فقال له أبو جعفر : « إنّ الطاعة مفروضة من الله عزّ وجلّ ، وسنّة أمضاها في الأوّلين ، وكذلك يجريها في الآخرين ، والطاعة لواحد منّا والمودّة للجميع . . . » ، فغضب زيد عند ذلك . . . ثمّ قال : ليس الإمام منّا من جلس في بيته وأرخى ستره وثبّط عن الجهاد ، ولكنّ الإمام منّا من منع حوزته وجاهد في سبيل الله حقّ جهاده ، ودفع عن رعيته وذبّ عن حريمه . . . فقال أبو جعفر : « هل تعرف يا أخي من نفسك شيئاً مما نسبتها إليه فتجيء عليه بشاهد من كتاب الله أو حجّة من رسول الله أو تضرب به مثلاً . . . » ؟ [1] . وقال الكاتب بعد ذلك : ( ومن المحتمل أن يكون موضوعاً في وقت متأخّر من قبل الإماميّة ) [2] . والسرّ في ذلك أنّ هذا الحديث حمل لنا موقف الباقر ( عليه السلام ) المساند للإمامة والمدافع عنها ، ثمّ بعد لحظات احتجّ بهذا الحديث وقال : ( يعبّر عن احتجاج الإمام الباقر على أخيه زيد بالعلم قبل نشوء نظريّة النص أو الوصيّة في الإمامة ) [3] ، واحتجّ به مرّة أُخرى ، وجعل
[1] أحمد الكاتب ، تطوّر الفكر السياسي : ص 37 . [2] أحمد الكاتب ، تطوّر الفكر السياسي : ص 38 . [3] أحمد الكاتب ، تطوّر الفكر السياسي : ص 38 .