الثاني : قول ابن قتيبة : يريد ألا يتسع الناس فيها ، ويدخلها الشوب ، ويقع التدليس والكذب من المنافق ، والفاجر ، والأعرابي ؟ أقول : إن الممنوعين في زمان عمر كانوا من الصحابة - كما عرفنا أسماء كثير منهم في نصوص منعه - أو لا أقل من وجود الصحابة فيهم . فإن كان ما احتمله من الشوب والتدليس والكذب ، يحتمل صدوره من الصحابة ، وأن يكون المنافق والفاجر والأعرابي يوجد في ما بينهم باعتبار أنهم كانوا محط منع عمر وإنكاره وتشديده وحبسه . فهذا ينافي ما يلتزم به كل المسلمين من احترام الصحابة وتقديسهم ، مثل أبي ذر الغفاري ، وأبي مسعود الأنصاري ، فكيف على رأي العامة في الصحابة بأنهم كلهم عدول ! . وإن كان المذكورون من غير الصحابة ، فذلك لا يبرر إنزال العقوبة والإهانة والتضييق بالصحابة الكرام ، من أجل روايتهم لحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ الثالث : قول ابن قتيبة : وكان كثير من جلة الصحابة وأهل الخاصة برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . . . يقلون الرواية . فهذا جزاف من القول ، بلا ريب ، يشهد على ذلك عدم تمثيله إلا بهذا العدد النزر ، بينما المكثرون للحديث من الصحابة كثيرون ، وفيهم من هو أخص برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ممن ذكر ، كأهل بيته ، ونسائه ، وخدمه ، والمخلصين من أتباعه ، فإنهم قد رووا وأكثروا ، وفيهم من منعه عمر ، وحبسه ، مثل أبي ذر الغفاري وأبي مسعود