وما حدث بينهم ، وهذا لا يسمى مرسلا اصطلاحا ، إلا إذا خالف ابن حزم اصطلاح المحدثين ، وهو منه ليس بقليل . وثانيا : أن الحديث قد ورد بطرق أخرى ، وهو لا ينحصر بهذا السند ، ولا يدور على من رواه عن شعبة ، كما عرفت ، وسيأتي بعض الكلام حول سنده أيضا . إلا أن المهم أن الحاكم ذكر ما روي عن شعبة ، وقال فيه : صحيح على شرط الشيخين ; ووافقه الذهبي ، فقال : على شرطهما [1] . وأين ابن حزم من صيارفة نقد الحديث من أمثال الحاكم والذهبي ؟ حتى يعترض على الحديث بخلافهما ؟ ! [2] . كما عرفنا أن الخطيب - وهو من أعيان علوم الحديث - لم يتكلم في سنده وإنما اكتفى بتوجيهه دلالة ، وهذا منه ومن كل من تصدى لتوجيه الحديث ، دليل على عدم مناقشتهم فيه سندا . وأما إشكاله على متن الحديث : فلا ينكر أحد أن الحبس قد تحقق من عمر قطعا ، كما لم يناقش فيه أحد من أعلام الحديث ، ولهذا تصدوا لتوجيهه ، ولو كان في أصله أدنى مناقشة ، لما فاتهم ذلك ، لأن المناقشة في الدلالة فرع ثبوت الحديث وصحة سنده ، كما لا يخفى .
[1] المستدرك للحاكم ( 1 / 110 ) وتلخيص الذهبي له ، بذيله . [2] وكذلك من قلد ابن حزم من المحدثين - كالشيخ أبي شهبة - حيث قال عن رواية حبس عمر للصحابة : إنها مكذوبة ، لاحظ دفاع عن السنة ( ص 280 ) .