فلماذا يجب أن نلتزم بتأخر هذه الوسيلة المهمة للضبط والصيانة للسنة والحديث ، إلى نهاية القرن الأول ؟ مع أن السنة بتلك المنزلة من الأهمية ، والخطورة ؟ وقابلية التعرض لأشكال من السوء ؟ ؟ ولو كانت المحافظة على الكتاب والسنة وعلومهما ، واجبة على المسلمين ، وجوبا كفائيا ، فإن وجوب كتابتهما - التي هي من أهم وسائل حفظهما - أمر واضح . قال المحقق الشيخ الدربندي : لا ريب في كون كتابة الأحاديث من المندوبات العينية والواجبات الكفائية ، بل قد تجب على جماعة فرضا عينيا [1] . ومن القواعد المعلومة - كما يقول الشيخ الشهيد الثاني - : أن فرض الكفاية إذا لم يقم به من فيه كفاية ، يخاطب به كل مكلف ، ويأثم بالتقصير فيه كل مكلف به ، فيكون في ذلك كالواجب العيني ، إلى أن يوجد من فيه كفاية [2] . أليس في الالتزام بالمنع من تدوين الحديث مخالفة بينة لعرف العقلاء الذي أقره الإسلام في قرآنه ، وحديث رسوله ، وكلام أئمته ، وسيرة أصحابه ؟ أليس في الامتناع عن كتابة السنة طوال قرن واحد ، إخلال بواجب المحافظة عليها ؟