ولذا لم يشملها المنع بنحو شديد : قال عمر : أقلوا الرواية عن رسول الله ، إلا في ما يعمل به [1] . وقال الدارمي - في شرح منع عمر عن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - ما نصه : معناه عندي الحديث عن أيام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليس السنن والفرائض [2] . وإنما أصدرت أوامر المنع وإجراءاته بصورة عامة ، فلأن التدبير السياسي يقتضي منع الحديث بالعموم ، حتى يشمل المنع الأحاديث المضرة بالسياسة . وإنما لم يخص المنع بما يضر ، فلأن تخصيصها بالمنع يؤدي إلى وضوح الهدف من المنع ، وانكشاف المصلحة الموضوعة له . والإعلان عن تلك المصلحة غير ممكن ، لأنه يوجه الأنظار إليها بشكل أكثر تركيزا ، فيوجب نقض الغرض المترقب من المنع ، ويعكس المصلحة إلى مفسدة لا تتدارك . وإنما خص أهل البيت عليهم السلام بذلك : لأنهم كانوا يعتبرون زعماء المعارضة السياسية ، الذين بقوا في الساحة ، وكان المسلمون يتطلعون فيهم الخلافة ويعتقدون لهم الإمامة [3] . وحجتهم في ذلك الأعداد المتضافرة من الأحاديث النبوية ، التي
[1] البداية والنهاية لابن كثير ( 8 / 107 ) . [2] سنن الدارمي ( 1 / 73 ) ح 286 ، وانظر جامع بيان العلم ( 2 / 121 ) . [3] إقرأ كتاب ( النظام السياسي في الإسلام ) تأليف المحامي أحمد حسين يعقوب .