لكن عبد الله لم يعر اهتماما ، وأباد الصحيفة . والتبريرات المذكورة لمنع التدوين ، لا يجري شئ منها هنا . فلا اختلاط لما في الصحيفة ، بالقرآن . وليس فيها ما يعارض القرآن وينافيه . ولا فيها من خرافات أهل الكتاب شئ . كما أن الاشتغال بها لا يؤدي إلى ترك القرآن ، لأن مجرد أحاديث في صحيفة ، لا تلهي عن القرآن . ومع كل ذلك ، فإن عبد الله قد أباد الصحيفة ، محاولا أن يوهم أن القرآن يغني عما فيها ؟ مع أنه كان مخطئا في فرضه أن الاشتغال بالحديث هو اشتغال بما سوى القرآن ، لأن الحديث لا ينفصل عن القرآن ، بل هو يعضده . ولو دققنا النظر في هذا الحديث ، وجدنا أن محتواه هو الذي كان يضر السلطة الحاكمة ، وينافي سياستها القائمة ، لأن الأحاديث النبوية الواردة في أهل البيت عليهم السلام ، إنما تدل على فضلهم ، وتوكد على خلافتهم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وتجعلهم قرناء للقرآن ، ليكونوا هم وهو خليفتين له ، من بعده . وأما سائر أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، سواء في الأحكام والفرائض ، أو الآداب والسنن ، فهي لا تمس كيان السلطة بشئ .