إنما كانت تدبيرا سياسيا من قبل الخلفاء ، وخاصة في الصدر الأول ، بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم . وهذا التدبير السياسي واضح من خلال رواية ، رواها الخطيب البغدادي ، بسنده ، عن عبد الرحمن بن الأسود ، عن أبيه ، قال : جاء علقمة بكتاب من مكة - أو اليمن - صحيفة فيها أحاديث ، في أهل البيت - بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم - فاستأذنا على عبد الله ، فدخلنا عليه ، قال : فدفعنا إليه الصحيفة . قال : فدعا الجارية ، ثم دعا بطست فيها ماء . فقلنا له : يا أبا عبد الرحمن ، انظر فيها ، فإن فيها أحاديث حسانا فجعل يميثها فيها ، ويقول : ( نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن ) [ الآية ( 3 ) من سورة يوسف ( 12 ) ] القلوب أوعية ، فأشغلوها بالقرآن ، ولا تشغلوها ما سواه ( 1 ) . إن الصحيفة المعرضة للإبادة في هذا الحديث ، واضحة المحتوى ، فإن فيها أحاديث حسانا كما يقول علقمة . كما أن موضوعها يرتبط بأهل البيت عليهم السلام ، وكأن الراوي اعتنى بهذه النقطة ، فاستعمل عطف البيان للتأكيد على المراد بأهل البيت ، ولكي يلفت نظر عبد الله بن مسعود إلى أنهم أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
( 1 ) تقييد العلم ( ص 54 ) ونقلها محمد عجاج الخطيب في أصول الحديث ( ص 155 - 156 ) .