وقال محمد عجاج الخطيب - رادا على ابن قتيبة - : لا يمكننا أن نسلم بهذا بعد أن رأينا نيفا وثلاثين كاتبا يتولون كتابة الوحي للرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم ، وغيرهم يتولون أموره الكتابية الأخرى . ولا يمكننا أن نعتقد بقلة الكتاب وعدم إتقانهم لها ، فتعميم ابن قتيبة هذا لا يستند إلى دليل ؟ [1] . وقال الدكتور عبد الغني في الرد على كلام ابن قتيبة : إن العمدة في ثبوت النهي حديث أبي سعيد الخدري ، والمتبادر منه أنه أجاز كتابة القرآن لمن نهاه عن كتابة السنة ، ولو كانت علة النهي خوف الخطأ في الكتابة ، فكيف يجيز لهم كتابة القرآن ؟ [2] . ثم ، لو كان من يعرف الكتابة من المسلمين قلة في بداية ظهور الإسلام ، وقبل الهجرة ، إلا أن المسلمين ما كادوا يستقرون في المدينة حتى بدلت الحال غير الحال ، فكثر فيهم الكاتبون [3] . وقد أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم عبد الله بن سعيد بن العاص أن يعلم الكتابة بالمدينة ، وكان كاتبا محسنا [4] . والعجب من محدث رجالي مؤرخ مثل الحافظ ابن حجر العسقلاني ، أن تخفى عليه حقيقة واضحة كهذه ، فيقول : لأنهم كانوا لا يعرفون الكتابة ! وهذا يعني جميعهم ، كما هو المتبادر من كلامه .
[1] أصول الحديث للعجاج ( ص 146 ) . [2] حجية السنة ( ص 430 و 444 ) . [3] علوم الحديث ، لصبحي ( ص 4 ) . [4] الإستيعاب للقرطبي ، بهامش الإصابة ( 2 / 374 ) .