ولعل الحافظ السيوطي قد تنبه إلى هذه الزلة من ابن حجر ، فعدل عبارته ، حيث يقول : لأن أكثرهم كانوا لا يحسنون الكتابة [1] . وإذا تم تصحيح الكلام بهذا الشكل ، فنجيب : ثالثا : إن ذلك لم يكن مانعا عن كتابة ما يلزم كتابته في الشريعة ، لكفاية قيام غير الأكثر ممن يعرف الكتابة ، بأداء المهمة ، والواجب يتأدى بالكتابة ولو بالخط الردئ غير الحسن ! . مع أن العارفين للكتابة ليسوا في كل الأعصار سوى القلة ، وخاصة المتخصصين بعلوم الدين ، وبالأخص علم الحديث منهم ، فهل يتوقع أن يكون أكثر الناس عارفين للكتابة أو محسنين لها ، حتى تؤدى مهمة ضرورية مثل كتابة الحديث ؟ ! ثم ، ألا ترى أن الصحابة - على فرض عدم إحسانهم للكتابة - لم يمتنعوا من كتابة القرآن ، وهو كلام الله تعالى ، فكيف يفرض ذلك مانعا لهم عن كتابة الحديث وهو كلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؟ مع أنه لم يؤخذ في النظر - في هذا التبرير - نوعية المكتوب ، فإذا لم يكونوا عارفين - كما يقول ابن حجر - أو محسنين للكتابة - كما يقول السيوطي . فما بالهم أقدموا على كتابة القرآن الكريم ، وبتلك السعة ؟ ! قال محمد عجاج الخطيب : ولو قبلنا - جدلا - ما ادعوه من ندرة وسائل الكتابة ، وصعوبة تأمينها ، لكفى في الرد عليهم أن المسلمين