في كتابة الحديث بنحو عام ، وعدم تعيين كتاب خاصين للحديث ، هو أدعى للقول بأن الأصل هو جواز التدوين عموما ، وأن النهي عنه خاص بالشخص المنهي ! وأما ما ذكره من عدم تداول الصحابة لتلك الصحف : فمع أن أمر التداول وعدمه لا يرتبط بالبحث عن جواز الكتابة وحرمتها ، بل إن مجرد وجود الصحف دليل على تحقق التدوين ، سواء تداولوا ما دونوه أ م لم يتداولوه . فمع هذا يرد عليه : أن دعوى عدم تداولهم لما دونوه ، باطلة ، كما ذكرنا ذلك في القسم الأول ، نهاية الفصل الرابع [1] . ونضيف هنا : أن عدم تداول تلك الصحف ، قد يكون على أثر منع السلطات للتدوين ، وتشديدهم على كتب الحديث بإبادتها بطرق شتى ، كالإحراق ، والإماثة والغسل بالماء ، والدفن ، وحينئذ يكون من الطبيعي أن لا تظهر تلك الكتب ، ولا تتداول . ويدل على ذلك أن الكتب ظهرت ، وتدوولت ، بعد رفع المنع ، بشكل طبيعي ، في عهد عمر بن عبد العزيز . 2 - أن الإذن ناسخ للنهي : وجمع بعضهم بين روايات النهي وبين روايات الإذن ، بأن النهي كان ثابتا أولا ، ثم جاء الإذن في الكتابة ناسخا . قال ابن الديبع : والإذن في الكتابة ناسخ للمنع عنها ، بإجماع