جميعا عنه ، ولم يكن الأمر بحاجة إلى اتخاذ إجراءات للمنع ، ولا تبريرات للمانعين . بينما الظاهر من أحوالهم أنهم لم يتحرجوا من التدوين ، والظاهر من مجريات الأحداث أن المانعين واجهوا معارضة في البداية ، كما أشرنا إليه ، في التمهيد لهذا القسم الثاني [1] . ومما يؤيد عدم ثبوت هذا الأصل - أي حرمة التدوين والمنع عنه - أن أحدا من المانعين لم يستند إلى ذلك ، ولا إلى ورود النهي في أحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، مع قرب عهدهم ، بل على العكس من ذلك قد أقدم المانعون - قبل المنع - على التدوين ، فلو كان الأصل هو الحرمة لم يصدر منهم مثل ذلك . هذا أولا . وثانيا : إن الالتزام بذلك يقتضي أن يكون التدوين حراما ، وممنوعا شرعا مطلقا ، من دون تقيد بزمان دون آخر . فيكون إقدام الأمة - ولو بعد حين - على التدوين أمرا مخالفا لهذا الأصل . مع أن الأمة أقدمت على التدوين من دون أدنى تحرج ، بل جعل إجماعها على ذلك كاشفا - عند العلماء - عن ثبوت أصل شرعي بالجواز ، كما مر ذلك [2] . أما قول الدكتور عتر : لم يأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحدا
[1] مضى في ( ص 263 ) . [2] مضى في ( ص 198 ) من القسم الأول ، الفصل الرابع .