أقول : كما أنهم لم يمسكوا عن تدوين الحديث بإجراءات الخليفة لمنع التدوين ولم يأبهوا بنهيه وتحريمه ، في بداية هذا القرن . ويقول الدكتور أحمد عمر هاشم - بعد أن ذكر النهي عن الكتابة ، وما قيل من توجيهات الجمع بينه وبين حديث الإذن فيها - ما نصه : وظل النهي عن الكتابة قائما حتى كثرت السنن وخيف عليها أن تضيع من البعض ، فكان الإذن بالكتابة ناسخا لما تقدم من النهي ، ولم يلحق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالرفيق الأعلى إلا وكتابة الحديث مأذون فيها [1] . ويقول في آخر حديثه : بعد هذا كله أرى أن السنة النبوية كانت تكتب في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وأن إباحة الكتابة كانت آخر ما ترك الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه عليه ، فلم يلحق بالرفيق الأعلى إلا وكتابة الحديث قائمة ، وقد حفظت في الصحف بجانب حفظها في الصدور ، ولم تبق مهملة طيلة القرن الأول إلى عهد عمر بن عبد العزيز ، وأحاديث الإذن بالكتابة أكبر شاهد على ذلك [2] . وقد ألف المحدث الكبير الشيخ عبد الحي الكتاني المغربي رسالة في إثبات التدوين والجمع لأهل القرن الأول الهجري من الصحابة والتابعين [3] .
[1] السنة النبوية وعلومها ص 59 . [2] السنة النبوية وعلومها ص 61 . [3] ذكر ذلك في مقدمة كتاب فهرس الفهارس والأثبات المطبوع في بيروت بتحقيق الدكتور إحسان عباس ( ص 32 ) برقم ( 129 ) في قائمة مؤلفات الكتاني .