الفصل السادس القول الفصل في سبب المنع وبعد هذا التجوال الطويل - في هذه الفصول الخمسة - اتضحت لنا - بالقطع واليقين - الحقيقة التالية : أن تلك التبريرات - كلها - لا تصح أن تكون شئ منها سببا واقعيا لمنع تدوين الحديث ، وإن تذرع بها المانعون ، وليس في واحد منها مقنع للإجابة على السؤال الذي طرحناه لماذا منعوا عن تدوين الحديث ؟ وقد عرفنا أن أهم ما يمكن توجيه المنع به هو الأحاديث المرفوعة الدالة على النهي الشرعي عن التدوين . ولكن : مضافا إلى ما ذكرناه في الفصل الأول من هذا القسم ، من الإجابات عن ذلك بإثبات ضعف أسانيدها . وكونها معللة غير قابلة للاحتجاج بها أو الاستناد إليها في إثبات المدعى في قبال الأحاديث المستفيضة الصحيحة ، الدالة على تحقق التدوين ، وجوازه وإباحته في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، بعد إقامة الأدلة الأربعة على جواز التدوين وإباحته في القسم الأول من هذه الدراسة .