وذكر السمعاني هذا الوجه أولا ، فقال : وقد ذكرت جواز الكتابة وعدم جوازها على الاستقصاء في كتاب ( طراز الذهب ) وحاصله : أن كراهة كتابة الأحاديث إنما كانت في الابتداء ، كي لا يختلط بكتاب الله ، فلما وقع الأمن عن الاختلاط ، جاز كتابته [1] . ويقول بعض المعاصرين : نهى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن كتابة الأحاديث أول نزول الوحي ، مخافة التباس أقواله وشروحه وسيرته بالقرآن ، ولا سيما إذا كتب هذا كله في صحيفة واحدة مع القرآن [2] . وذكرنا في توجيه الأحاديث المرفوعة أن أحاديث أبي هريرة ، قابلة للحمل على هذا التوجيه ، حيث جاء فيها ، قوله صلى الله عليه وآله وسلم : أمحضوا كتاب الله ، وأخلصوه [3] . فإنه صريح في إرادة عدم كتابة شئ - مع كتاب الله - في كتاب واحد . المناقشات في هذا الوجه : ولا يمكن الالتزام بهذا مبررا لمنع تدوين الحديث الشريف ، ويمتنع أن يستند الشارع إلى هذا ، فيجعله سببا للمنع والنهي عن كتابته ، وذلك : لأن الاحتياط في المحافظة على نص
[1] أدب الإملاء والاستملاء ( ص 146 ) . [2] علوم الحديث ، لصبحي ( ص 20 ) نقلا عن الخطابي في معالم السنن ( 1 / 184 ) . [3] مضى في الفصل الأول من هذا القسم ( ص 299 ) .