وقد ذكرنا أن البعض فهم منه - كما لا يستبعد - أن يكون النهي فيه خاصا بكتابة غير القرآن في صفحة واحدة مع القرآن [1] . وهذه الروايات الموقوفة على أبي سعيد ، تؤيد فهم ذلك المعنى من روايته المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم . وقد نسب هذا الاحتمال إلى مسلم في صحيحه [2] . وقال ابن الصلاح : محتملا هذا المعنى - : نهى عن كتابة ذلك حين خاف عليهم اختلاط ذلك بصحف القرآن العظيم ، وأذن في كتابته حين أمن من ذلك [3] . وقد أوضح الخطيب البغدادي هذا الوجه ، بشئ من التفصيل ، فقال : قد ثبت أن كراهة من كره الكتاب من الصدر الأول إنما هي لئلا يضاهى بكتاب الله - تعالى - غيره . ونهى عن كتب العلم في صدر الإسلام وجدته ، لقلة الفقهاء في ذلك الوقت والمميزين بين الوحي وغيره ، لأن أكثر الأعراب لم يكونوا فقهوا في الدين ولا جالسوا العلماء العارفين ، فلم يؤمن أن يلحقوا ما يجدون من الصحف بالقرآن ويعتقدوا أن ما اشتملت عليه كلام الرحمن [4] .
[1] أنظر تيسير الوصول لابن الديبع ( 1 / 177 ) وما سبق في هذا الكتاب ( ص 291 ) . [2] أنظر تدريب الراوي ( 1 / 40 ) . [3] مقدمة ابن الصلاح ( ص 302 ) علوم الحديث له ( ص 182 ) . [4] تقييد العلم ( ص 57 ) .