ومن يتهيّب الدّخول من باب قصر أمير المؤمنين [1] » ، وقد أدرك المعزّ ما يسبّبه ذلك من الإحراج ، فتوسّط لدى والده المنصور ، فأمر بابتناء « موضع فسيح لشؤون القضاء يصل إليه الناس ويمكنهم ما يريدونه [2] » . وكانت تجربة النعمان في عمل القضاء بحضرة الخلافة لا تخلو من مضايقات وتعقّب ، فقد تعرّض للوّم أكثر من مرّة على تركه التشدّد والصرامة [3] . وتطوّرت خطَّة القاضي النعمان فأصبح « قاضيا للقضاة » بجوار الخليفة في عاصمته الجديدة ، وقد حدّثنا [4] عمّا كان يوصي به القضاة الخارجين إلى الأعمال من واجب « الوفاء بالعهد وأداء الأمانة فيما قلَّدوه » . ويوضّح كتاب المجالس والمسايرات توثّق الصّلة بين النعمان وبين الأمير المعزّ أيّام خلافة والده . فقد كان يراجعه فيما أعدّه من تقارير للخليفة فيشير عليه بما يرفع منها وما يترك [5] . وكان يتدخّل لفائدته ويدعمه ويشدّ أزره في مناسبات عدّة ، فلمّا مات الخليفة المنصور وظهر عليه من الجزع لوفاته وقلَّة الصّبر ما ظهر ، وقّع له الخليفة الجديد المعزّ : « يا نعمان ، ليحسن عزاؤك ويجمل صبرك ، فمولاك مضى ومولاك بقي ، « وأنت واجد عندنا ما كنت واجدا عنده ، ونحن كنّا سببك عنده ولن ينقطع « ذلك السبب لدينا لك إن شاء اللَّه تعالى ، فطب نفسا وقرّ عينا وليحسن بنا ظنّك « وتسكن إلى ما تحبّه لدينا نفسك [6] » . وكان يختصّه بالمؤانسة والسؤال عن أهله وبناته وأولادهنّ [7] . وكان للنعمان ولدان ، هما أبو الحسن عليّ وأبو عبد اللَّه محمد [8] لكلّ منهما جارية لا يقنع بها
[1] ص 69 [2] ص 70 [3] ص 75 وانظر اطراء المعز له لتوخيه العدل ، المجالس ص 307 . [4] ص 53 [5] ص 351 [6] ص 82 وص 353 وما بعدها . [7] ص 543 . [8] ولادة علي بإفريقية في ربيع الأول سنة 329 ه ووفاته بمصر سنة 374 ه . أما محمد فولادته بالمنصورية يوم الأحد 3 صفر سنة 340 ه ووفاته بمصر سنة 389 ه . انظر ترجمة النعمان في الوفيات .