عند الشيعة الاثني عشريّة . ويرى فيضي - وهو منهم - أنّ النعمان كان إسماعيلي المذهب منذ طفولته ، وأنّ مالكيّته أو اثني عشريّته إنّما كانت منه تقيّة . ولا غرابة أن ينسب إلى المالكيّة ، لأن المالكيّة مذهب الجمهور بإفريقيّة ، مع وجود المذهب الحنفي وهو مذهب أسرة بني الأغلب الحاكمة [1] . ونحن نستبعد أن يكون النعمان قد تمذهب منذ أوّل عمره بغير مذهب الإسماعيليّة : ذلك أنّ دخوله في خدمة الدولة الفاطميّة كان مبكَّرا ، منذ سنة 312 / 924 واستمرّ وفاؤه لخلفائها إلى يوم وفاته في آخر جمادى الثانية 363 / 27 مارس 974 ، بعد أن تقلَّب في وظائف سامية بالقصر بجانب الخلفاء الأربعة . ولعلّ أباه كان داعيا من دعاة الفاطميّين ، حسب ما تشعر به عبارة ابن خلَّكان نقلا عن ابن زولاق : أبو حنيفة النعمان بن محمد الدّاعي . فعبارة « الداعي » قد تعني الوالد أيضا . وإذا أضفنا إلى هذا الافتراض أنّ النعمان قد يكون ولد سنة 283 / 896 ، أي قبل قيام الدولة الفاطميّة بثلاث عشرة سنة ، وبعد قدوم أبي عبد اللَّه بثلاث سنوات ، وأنّه وجد طريقه إلى الوظائف العالية بسهولة ، من « صاحب الخبر » إلى « أمين المكتبة » إلى « قاضي القضاة » ، دفعنا رأي من قال إنّه كان مالكيّا أو حنفيّا [2] . وينكشف بعض القناع عن هذه الشخصيّة منذ أن دخل النعمان في خدمة المهديّ كما يقول هو عن نفسه : « وخدمت المهديّ باللَّه ( ص ) من آخر عمره تسع سنين وشهورا وأيّاما ، والإمام « القائم بأمر اللَّه من بعده ( صلع ) أيّام حياته في إنهاء أخبار الحضرة إليهما في « كلّ يوم طول تلك المدّة إلَّا أقل الأيّام [3] » .
[1] المقاسي : أحسن التقاسيم ، 25 - 2 ، يقول عن القيروان « ليس فيها غير مالكي وحنفي مع ألفة عجيبة » بينما يقلل محمد كامل حسين من وجود هذا المذهب بإفريقية ، في كتابه : في أدب مصر الفاطمية 64 . [2] يذكر محمد بن حارث الخشني في باب من شرق ممن كان ينسب إلى علم من أهل القيروان : « محمد ابن حيان » الذي كان شيخا عالي السن ، وكان ، « صاحب الصلاة » بسوسة ، وأنه « كان مدنيا ، صحب ابن سحنون ، فتشرق ، فكان لذلك مستترا » . ( طبقات علماء إفريقية 223 - الجزائر 1914 ) . وقد انتبه إسماعيل قربان بونا والا إلى أن محمد بن حيان هذا قد يكون محمد بن حيون والد النعمان ( انظر كلمة فرحات الدشراوي في ملتقى القاضي النعمان الثاني ، أوت 1977 بالمهدية ، ص 1 من نص مرقون ) . [3] المجالس ص 79 .