يقول له ( صلع ) مثل هذا ، قول مغضب / ، والرمح بيده يديره فيها وسنانه من قبل الفاسق ابن بكر ، فظنّ كثير ممّن حضر أنّه سيرسله إليه حتّى لقد تنحّى من كان واقفا إلى جانبه . فأسكت الخائب ودهش ، وأكثر ما قدر أن يقول : يا مولاي ، أنا عبدك وقد أخطأت . ثمّ عطف عليهما فقال : ما كنتما فاعلين بمن حلّ عندكما محلَّكما عندي لو أنّ اللَّه أقدر كلّ واحد منكما عليه كما أقدرني عليكما ؟ فسكتا . فنظر إلى ابن واسول فقال : قل - واللَّه الشاهد على ما في قلبك - : ما كنت صانعا في ذلك ؟ فقال : ومن أنا حتّى أشبّه بعبد من عبيد أمير المؤمنين ( ص ) ، فكيف به في شيء من فعله ؟ ثمّ تفحّج فرس أمير المؤمنين / فبال ، فتباعد كثير ممّن كان حوله ، وتنحّى ابن واسول قليلا ، وكان قبالته ، وقد جرى من بول الفرس نحوه . فقال له أمير المؤمنين : لم تأنّفت من بول الفرس ؟ فسكت . فقال : قل لي في ذلك ولا عليك ، فقد ترى كثيرا من عبيدنا فعل مثل ما فعلت . فقال : يا أمير المؤمنين ، قيل لنا إنّه نجس . فقال : ولم قلتم إنّه نجس ؟ قال : لأنّه لا يؤكل لحمه ، وما لم يؤكل لحمه فبوله نجس [1] . فقال له : وكيف لا يؤكل لحمه ؟ أو لم يبلغك أنّه يباع في مجازر المسلمين في كثير من أمصارهم ؟ ثمّ نظر إليّ فقال : ما تقول أنت يا نعمان في ذلك ؟ قلت : أقول فيه كما قال مواليّ وما رويناه عنهم عن رسول / اللَّه ( صلع ) أنّ عليّا قال : مرّ رسول اللَّه ( صلع ) برجل من الأنصار وبين يديه فرس له
[1] يذهب الشافعي وأبو حنيفة إلى أن أبوال الحيوان كلها نجسة . أما مالك فقاسها على لحوم الحيوان : فما حرم لحمه ، فبوله نجس ( انظر بداية المجتهد لابن رشد ج 1 ص 77 . وانظر كذلك : عبد الرحمان الجزيري : الفقه على المذاهب الأربعة : باب الطهارة ) . ويفهم من جواب ابن واسول أنه متفقه في الدين سني المذهب ( بعد أن كان خارجيا ) .