وقد كان هذا الغلوّ يصدر حتّى عن الأولياء والدعاة المقرّبين . وربّما وجد هذا الغلوّ منطلقه وغذاءه في أقوال الأئمّة أنفسهم : فهذا المهديّ يتنبّأ للمنصور وهو جنين بكشف غمّة أبي يزيد [1] ، ويقول إنّ الأئمّة يخبرون بدنوّ أجلهم [2] . وكذلك في سكوتهم عن نوع من الدعاية يستغربه من لا يدين بمذهبهم : فالمعزّ يحلّ بمكان يشكو الجفاف والجدب فينزل معه المطر وتخصب الأرض وتزول آفة الجراد . ثمّ إنّ الأئمّة يحوون العلم كلَّه ، ويعرفون جواب كلّ مسألة . وهم شفعاء عند اللَّه ، والتوسّل بهم باب الإجابة . وختاما ، فإنّ المعزّ ، لئن لم يؤلَّف كتبا غير كتاب تأويل الشريعة المنسوب إليه ، فإنّ النعمان يؤكَّد أنّه فيما كتب ، تأثّر به وتلقّى العلم منه وصدر عن وحيه . وقد رفع الدعاة شأن المعزّ وعظَّموه ، وقالوا إنّه أمر بتجديد الشريعة لأنّه سابع إمام من أئمّة دور الستر ، أي ابتداء من أوّل إمام بعد محمد بن إسماعيل ، وعندهم أنّ الإمام السابع يمتاز بقوّة كبيرة لأنّه خاتم دور . وهكذا أتاح لنا كتاب المجالس أن نتعرّف على شخصيّة المعزّ من خلال كلامه وأفعاله . صفة النسخة المعتمدة : اعتمدنا نسخة تتركَّب من نصفين غير موحّدين : النصف الأول [3] : صوّرته لجنة معهد إحياء المخطوطات العربية برئاسة المرحوم رشاد عبد المطلب من المكتبة الآصفية بحيدر آباد يوم 16 ماي 1952 ( الفيلم رقم 3175 ) والأصل محفوظ هناك ومسجل برقم 2590 تاريخ . وقد كتب على ورقته الأولى بخطَّ مغاير لنسخة الكتاب :
[1] ص 542 . [2] ص 239 . [3] نسجل شكرنا للصديق الباحث أيمن فؤاد السيد الذي ساعدنا على اقتناء هذا المخطوط .