قتله / وإن استحقّ القتل عنده حفظا لما تقدّم له ، وإن كان قد سعى مع أخيه ومال إليه وغلب الهوى عليه لمّا رأى الأمور خرجت من يديه . وهذا الفاسق لا يدري ما أوجب قتله ولا كيف كان سببه ، ولا يعلم حال القتل الذي هو سخط وانتقام وقهر ، من حال القتل الذي هو قصاص وواجب وطهر . فما الذي أدخله فيما لا علم له به ؟ فإن أنكر منكر مثل هذا فلينكر فعل اللَّه عزّ وجلّ فيمن عاقبه من أنبيائه الذين اصطفاهم على عباده ثمّ عاقبهم بما اجترموه وطهّرهم بالعقوبة ممّا كانوا اقترفوه . فقد أخبر اللَّه تعالى / وهو أصدق القائلين عمّن عاقبه من أنبيائه مثل آدم ويونس وأيّوب وسليمان وداود ويعقوب ممّا كانوا اقترفوه ، فإن أنكر عقاب المحسنين إذا اقترفوا السيّئات بعد الحسنات فلينكر ما جعله اللَّه عزّ وجلّ من ذلك قرآنا مسطورا ، وذلك قوله : * ( « وقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناه هَباءً مَنْثُوراً [1] » ) * . والأمّة لا تختلف في أنّ عابدا لو عبد اللَّه طول دهره وسائر عمره قائما لا يفتر وصائما لا يفطر ، ثمّ كفر بعد ذلك طرفة عين به ، ومات على كفره ، لأحبط اللَّه عمله . فإن أنكر ذلك فليقرأ قول اللَّه تعالى / وهو أصدق القائلين : * ( « ولَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ولَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ [2] » ) * . وقد كان رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وآله كما وصفه اللَّه في كتابه المبين إذ يقول وهو أصدق القائلين : * ( « لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْه ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ [3] » ) * ، فكان ( صلع ) مع ما وصفه اللَّه من الرّحمة فيه يقتل القاتل [4] ويرجم الزّاني المحصن ويحدّ البكر ويقطع السّارق ، لأنّ هذه حدود اللَّه التي ذكر في كتابه أنّ من تعدّاها فقد ظلم نفسه . وأنّ الرحمة فيها وفي ترك تنفيذها لا تعدّ