( قال ) وقال آخر في عمر ( طويل ) : < شعر > قضيت أمورا ثمّ غادرت بعدها بوائج [1] في أكمامها لم تفتّق < / شعر > أي عملت أعمالا ، لأنّ / كلّ / [2] من عمل عملا وفرغ منه فقد حتمه وقطعه . ومنه قيل للحاكم : قاض ، لأنّه يقطع على النّاس الأمور / ويحتم . وقيل : قضي قضاؤك أي فرغ من أمرك ، وقيل : قضى الموت أي فرغ [3] . وهذه الفروع ترجع إلى أصل واحد [4] . ففساد الأصل الذي ذكره هذا القائل قد بيّناه . وقوله : إنّ هذه الفروع ترجع إليه ، محال ، لأنّه زعم أنّ أصل القضاء الحتم ، ثمّ جعله بعد ذلك أمرا وخلقا وعملا وحكما وفراغا من الشّيء وموتا ، وليس من هذا شيء يشبه الحتم ولا يرجع إليه . وكذلك قول الخليل بن أحمد في قضى أنّه : حكم . وأتى بما لا يخرج على التّنزيل إذ أنزل على جميع ما جاء به في القرآن . فالذي قال عليه السلام / أنّه البيان ، يخرج على جميع ذلك ، بما ذكروه وما لم يذكروه ، فيكون على ذلك قوله : * ( « وقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاه [5] » ) * أي بيّن ذلك في أمره لعباده ، في كتابه وعلى لسان رسوله . وقوله : * ( « وقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الأَرْضِ مَرَّتَيْنِ [6] » ) * أي بيّنا لهم في الكتاب .
[1] في الأصل : « قوائح » أو « فوائح » ، ولا معنى له . وفي الاستيعاب 2 : 465 « بوائق » جمع بائقة وهي الداهية والبلية ( انظر اللسان ب . و . ق ) واعتمدنا رواية اللسان ( ب . و . ج ) والبوائج جمع بائجة وهي الداهية أيضا . يقال : انباجت عليهم بوائج منكرة ، إذا انفتحت عليهم دواه . واستشهد له بقول الشماخ . هذا وقد سقط في نسخة المجالس الترضية عن عمر . والبيت في اللسان ( ب . و . ج ) منسوب إلى الشماخ بن ضرار ، ( انظر : أبو تمام : الحماسة 3 : 107 ) ويذكر ابن عبد البر : الاستيعاب 2 : 465 ( ترجمة عمر ) أن الأبيات « سمعت قبل وفاة عمر فلما مات نحلها الناس للشماخ بن ضرار أو لأخيه مزرد » . ( انظر الأغاني 8 : 102 ) . [2] من التأويل لابن قتيبة . [3] كذا . ونص ما في التأويل : « وقالوا للميت : قد قضى ، أي فرغ » ويأتي عند النعمان أن المعز يريد : قضى ما كان عليه من لازم الموت . [4] إلى هنا يتوقف النقل . [5] الاسراء ، 23 . [6] الاسراء ، 4 .