قلت : يا مولانا ، فمن أجل من لا يرغب / يحرم الرّاغب ، وفي ذات المعرض يخيب الطالب ؟ أنت صلَّى اللَّه عليك أعلم بصلاح جميعهم . قال : إن لم أعلم ذلك فما أنا بإمامهم . واللَّه إنّي لأعلمه ، وما أبلغ مرادي من صلاح جميعهم . واللَّه يصلحهم ويوفّقهم إلى مرادي فيهم إلى أن أرفع بعضهم فوق بعض درجات ، وأعطي كلّ ذي حقّ منهم حقّه . وأضعه حيث وضع نفسه . فمن نزع بنفسه من درجة إلى ما فوقها وبلَّغه إيّاها عمله رفعته إليها . فهم بهذا يتنافسون ويرغبون ، وأبلغ فيهم ما أؤمّله منهم إن شاء اللَّه . قلت : يبلغ اللَّه مولانا أمله ، ويوفّق جميع أوليائه إلى ما يحبّه . قال : ما شاء اللَّه ، ولا حول ولا قوة إلَّا باللَّه [1] . كلام جرى في مجلس في أمر القضاء والواجب فيه : 159 - ( قال ) وقال لي / ( صلع ) : يا نعمان ، زعم لي فلان ، - لرجل سمّاه - أنّ بعض الأولياء يستثقلون أمرك ويقولون : فلان أرفق بنا - لبعض القضاء - . ( قال ) قلت له [2] : الذي يستثقل من أمر النّعمان هو الذي منعني أن أتولَّى القضاء بين الناس . إنّ القضاء [3] ميزان عدل اللَّه في أرضه وقسطه بين عباده ، فمن عدل به عن جهته وأحاله عن سبيله فقد باء بغضب من اللَّه ولعنة أوليائه . فأمر القضاء عظيم ومحمله ثقيل . واللَّه ما نقم النّاس على أمير المؤمنين عليّ ( صلع ) إلَّا أنّه تقلَّده لهم فحملهم على منهاج الحقّ فيه ، فلذلك قلَّدناه من قلَّدناه وتعافينا منه . إنّما أراد من أراد من نعمان [4] إذا أتاه في / خصومة مع ضعيف أن يوسّع له إلى جانبه في مجلسه ، ويقوم خصمه بعيدا منه . فهذا أدنى ما عسى أنّه كان يراد منه . وفيه خزي لمن فعله . لأنّا قد عهدنا إليه وإلى غيره ممّن قلَّدناه القضاء
[1] سقط من أ : قلت : يبلغ اللَّه إلى : الا باللَّه . [2] الحديث كله للمعز . [3] انظر ما سجله القاضي النعمان من تعريف للقضاء فيما كتبه عما « ينبغي للوالي أن ينظر فيه من أمور القضاء بين الناس » ، الدعائم ج 1 ص 368 . [4] يورد القاضي النعمان اسمه على لسان المعز « منكرا » على معنى الأدب والتواضع . انظر أيضا ص 72 من كتاب المجالس والمسايرات .