و [ مجاز القرآن ] « لأبى عبيدة » قد عنى به المحدثون ، كما يعرف دارسو الآداب في مصر ، من ادعائهم إياه للنحو . . واحتسابهم إياه للبلاغة . . وقيامه في التفسير مقاما محمودا . وهذا الكتاب - على كل حال - يعد في الثقافة الإسلامية من كتب الطليعة الأولى ، التي يحفل بها مؤرخو تلك الثقافة ، ويرون في أضوائها طرائق تطور تلك الثقافة ، ومسالك نمائها . وقد ألفه منذ مئات السنين رجل من السابقين الأولين في خدمة العربية وآدابها . ومن الاتفاق المحمود أن يتاح نشره اليوم وتحقيقه ، لفتى من فتيان الطليعة ، في تلك المحاولة التركية الجديدة ، المعنية بالشؤون الإسلامية ، والآداب العربية . وكنت على أن أتحدث عن هذا المحقق السيد الدكتور « فؤاد سزكين » ناشر الكتاب وعن جهاده في إعداد نفسه لهذا العمل ، وما تشرب من خير المناهج الحديثة للدرس ، مع شخصية قوية ، واستقلال رزين ، يعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال . . ثم أصف خطته وعمله في تحقيق الكتاب وإخراجه . . . لكني خشيت أن أخجل تواضعه - كما نقول في مصر - . . وهو فتى جم التواضع ، وأنا أوثر أن يدوم له هذا التواضع ليحتفظ دائما بدل العلماء وهديهم . قرأت هذا الجزء من « مجاز القرآن » قراءة مستوعبة ، ودونت ملاحظي عليه ، وبينتها للدكتور فؤاد فقبل منها ما قبل ، واستدركه وناقش فيما ناقش . . . وإن كان غير قليل من هذه الملاحظ تقع التبعة فيه على الطباعة ، ولا سيما حين يتباعد ما بين الناشر في تركيا ، والطابع في القاهرة . ولكن هذه الملاحظ وغيرها مما قد يجده القارئ لا يمنعني من أن أقول