قال ( عليه السلام ) : " فاسألوني قبل أن تفقدوني ، فوالّذي نفسي بيده لا تسألوني عن شيء فيما بينكم وبين الساعة ، ولا عن فئة تهدي مائة ، وتضلّ مائة إلاّ أنبأتكم بناعقها ( 1 ) ، وقائدها ، وسائقها ، ومناخ ركابها ، ومحطّ رحالها ، ومَن يُقتل من أهلها قتلا ، ويموت منهم موتاً " ( 2 ) . فهذا النصّ كاف لوحده في إثبات نسبة العلوم الّتي أشار إليها الكاتب سابقاً ، بأنّ أهل البيت ( عليهم السلام ) يعلمون متى يموتون ، وأنّهم يعلمون علم ما كان وما سيكون إلى قيام الساعة ، وعندهم أسماء أهل الجنّة وأهل النار . . . إلى غير ذلك . فالنصّ المذكور صريح بعلم الإمام ( عليه السلام ) بما هو كائن إلى يوم القيامة ، ومعرفة العلوم المستقبلية أصعب من معرفة علوم الماضي ، الّتي يمكن الحصول عليها من كتب التاريخ أو أحاديث الرواة مثلا ، ذلك لو قلنا : إنّ الإمام ( عليه السلام ) يعلم العلوم المستقبلية فقط حسب هذا النصّ ; كيف وقد ثبت أنّه وارث علم النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، الّذي يعلم ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة ؟ ! كما أنّ معرفة أهل الجنّة وأهل النار نستطيع أن نستدلّ عليها من قوله ( عليه السلام ) : " ولا عن فئة تهدي مائة وتضلّ مائة . . . " المستفاد منه أنّ المهتدين سيكونون من أهل الجنّة والضالّين من أهل النار ، وكلّ هؤلاء يعرفهم الإمام ( عليه السلام ) ; كما هو ظاهر النصّ . أمّا معرفته ( عليه السلام ) بموته فنستفيدها من قوله : " ومَن يُقتل من أهلها
1 - ناعقها : الداعي إليها ; مَن نعق بغنمه : صاح بها لتجتمع . 2 - نهج البلاغة - تعليق الشيخ محمّد عبده - 1 / 182 . . وأيضاً انظر : المصنّف - لابن أبي شيبة - 8 / 698 .