أقول : ومثل هذه البيعة التي نالت هذا المستوى من التسليم والرضا عند المهاجرين والأنصار لم تتحقّق لغيره ( عليه السلام ) ، فكانت بيعته هي البيعة الوحيدة التي لله فيها رضاً حسب النص الذي أورده الكاتب من نهج البلاغة ; فتدبّر ذلك . أمّا الموارد الّتي تحدّث فيها الإمام ( عليه السلام ) عن حقّه في الخلافة ، وأنكر الدليمي وجودها في النهج فنذكر منها : 1 - ما جاء عنه ( عليه السلام ) في الخطبة المعروفة ب - : " الشقشقية " ( 1 ) ، حيث قال ( عليه السلام ) : " أما والله لقد تقمّصها ( 2 ) ابن أبي قحافة وإنّه ليعلم أنّ محلّي منها محلّ القطب من الرحى ، ينحدر عنّي السيل ، ولا يرقى إلَيَّ الطير ( 3 ) ، فسدلت دونها ثوباً ، وطويت عنها كشحاً ( 4 ) ، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء ، أو أصبر على طخية عمياء ، يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها
1 - سمّيت بذلك لأنّ الإمام ( عليه السلام ) توقّف عن الخطبة لعارض عرض له أثناءها ثمّ طلب ابن عبّاس بعدها من الإمام ( عليه السلام ) أن يطرد في خطبته من حيث أفاض ، فقال له الإمام ( عليه السلام ) : " هيهات يا ابن عبّاس ! تلك شقشقة هدرت ثمّ قرّت " . وللوقوف على صحّة هذه الخطبة ونسبتها للإمام ( عليه السلام ) ، بل نسبة النهج كلّه إليه ، راجع - بالإضافة لما ذكرناه في أوّل الكتاب - : الغدير 4 / 173 . 2 - تقمّصها : أي لبسها كالقميص . 3 - محلّ القطب من الرحى ، ينحدر عنّي السيل ، ولا يرقى إليَّ الطير : دلالة على علوّ مكانته عند الله . 4 - فسدلت : كناية عن غضّ النظر عنها ، وسدل الثوب : أرخى . طوى عنها كشحا : مال عنها .