ويقول ( عليه السلام ) في مقام آخر : وبسطتم يدي فكففتها ( 1 ) ، ومددتموها فقبضتها ، ثمّ تداككتم علَيّ تداك الإبل الهيم على حياضها يوم ورودها ، حتّى انقطعت النعل وسقط الرداء ووطئ الضعيف ، وبلغ من سرور الناس ببيعتهم إياي أن ابتهج بها الصغير ، وهدج إليها الكبير ، وتحامل نحوها العليل ، وحسرت إليها الكعاب ( 2 ) . قال أبو جعفر الإسكافي المعتزلي - المتوفّى سنة 220 ه - : فلمّا قُتل عثمان تداك الناس على عليّ بن أبي طالب بالرغبة والطلب له بعد أن أتوا مسجد رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وحضر المهاجرون والأنصار وأجمع رأيهم على عليّ بن أبي طالب بالإجماع منهم أنّه أوْلى بها من غيره ، وأنّه لا نظير له في زمانه ، فقاموا إليه حتّى استخرجوه من منزله ، وقالوا له : أبسط يدك نبايعك . فقبضها ومدّوها ، ولمّا رأى تداكهم عليه واجتماعهم ، قال : لا أُبايعكم إلاّ في مسجد النبيّ ( صلى الله عليه وسلم ) ظاهراً ، فإن كرهني قوم لم أُبايع ، فأتى المسجد وخرج الناس إلى المسجد ، ونادى مناديه . فيروى عن ابن عبّاس أنّه قال : إنّي والله لمتخوّف أن يتكلّم بعض السفهاء ، أو مَن قتل عليّ أباه أو أخاه في مغازي رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ، فيقول : لا حاجة لنا بعليّ بن أبي طالب ، فيمتنع عن البيعة . قال : فلم يتكلّم أحد إلاّ بالتسليم والرضا ( 3 ) .
1 - سيأتي البيان عن أسباب تمنّعه ( عليه السلام ) من البيعة في أوّل أمره مع الناس . 2 - نهج البلاغة - تعليق الشيخ محمّد عبده - 2 / 222 . 3 - انظر : المعيار والموازنة : 50 .