الصغير ، ويكدح ( 1 ) فيها مؤمن حتّى يلقى ربّه ، فرأيت الصبر على هاتا أحجى ( 2 ) ، فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نهباً ( 3 ) ، حتّى إذا مضى الأوّل لسبيله فأدلى بها ( 4 ) إلى ابن الخطّاب بعده . . . " إلى آخر الخطبة ( 5 ) . أقول : فإذا كانت الخلافة شورى ، وهي الطريقة الشرعية لها ، كما يقول الدليمي ، وقد تمّت بالإجماع على أبي بكر ، وأنّ الله راض عن هذه الخلافة ; فلِمَ يتظلّم ( عليه السلام ) هنا ويقول بعد انعقادها : " وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء ، أو أصبر على طخية عمياء ، يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصغير " ؟ ! ثمّ يقول ( عليه السلام ) : " فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نهباً . . . " إلى آخر كلامه الدالّ بكلّ وضوح على اغتصاب الخلافة منه ، وأنّ القوم باختيارهم رجلا منهم قد أدخلوا المسلمين في طخية عمياء يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتّى يلقى ربّه ، كلّ ذلك بياناً منه ( عليه السلام ) على شدّة الفتنة الّتي أوقعوا المسلمين فيها . قال الشيخ محمّد عبده في تعليقته على النهج : طخية - بطاء فخاء
1 - يكدح : يسعى سعي الجهود . 2 - أحجى : ألزم ، جدير ، أقرب إلى العقل . 3 - الشجا : ما اعترض في الحلق من عظم أو نحوه ، والجملتان كناية عن شدّة ما أضمره من الأذى . التراث : الميراث . 4 - فأدلى بها : ألقى بها إليه . 5 - راجع بقيّة الخطبة في شرح نهج البلاغة - لابن أبي الحديد - 1 / 151 وما بعدها .