88 - 5 واما حيرة المتوسطين : فمن انه قدس سره بعد ما ذكر سره ومع كشفه يرى من فوقه فيقول : لما لم يقتض حال الا على الطمأنينة لذاته ولذا يرد بعضهم على بعض كحال موسى وخضر عليهما السلام وكل يحتج بالله وبما علم الله ، والحق صدوق ولكل منه سبحانه قسط لكن : فوق كل ذي علم عليم ( 76 - يوسف ) وما من طامة الا وفوقها طامة ، فحالي مع أن الحاصل لي فضلات تلك العطايا الأقدسية التي للكمل أحق بعدم الطمأنينة ، وسببه : ان تعينات التجليات الأسمائية تابعة للخلق تبعية الخلق في الحكم والحال لها [1] ، ولما كان كل اسم عين المسمى من وجه دون وجه غلب على المحجوبين من أهل العقائد حكم وجه المغايرة وعلى أهل الأذواق المقيدة حكم وجه الاتحاد ، والأكابر لهم الجمع والإحاطة بالتجلي الذاتي وحكم حضرة أحدية الجمع ، فلا يتقيدون بمعتقد لكن يقررون كل اعتقاد ويعرفون وجه الصواب والخطاء النسبي في كل ، لان حكم علمهم وشهودهم يسرى في كل حال ومقام ، ولهم أصل التجلي الذاتي المشترك بين الأنام . 89 - 5 واما سر حيرة الكمل فمن وجوه : الأول انهم يشاهدون الكمال الإلهي وان جميع الصفات الظاهر الحسن والخفى حسنها كلها له وإليه مرجعها وانها من حيث هي له حسنة كلها ، ثم إن الحيرة من جملة صفاته ، لذا قال عليه وآله السلام - حكاية عنه تعالى - : ما ترددت في شئ انا فاعله ترددي في قبض نسمة عبدي . . . الحديث ، ولذا نسب إليه سبحانه الاضلال ويسمى به ، ومبناه على أمور : 90 - 5 الأول ان الهداية والضلالة وأمثالهما من الصفات المتقابلة أمور نسبية ، فكل فرقة ضالة بالنسبة إلى المخالفة لهم . 91 - 5 الثاني ان ترتب حكم الناس انما هو بسبب ظنونهم - والظن لا يغنى من الحق شيئا - وسيما في الله ، لان نسبة كماله المطلق إلى ما تعين عنده نسبة غير المتناهى إلى المتناهى . 92 - 5 الثالث ان القدر الذي عرف من سره لم يعلم على ما هو عليه ، بل بحسب استعداده