عذابا ، وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا . . . الآية ( 13 - الفرقان ) فالثبور الكثير العذاب الغير المتناهى ولا شئ أشد عليهم من السخط السرمدي . قال فيه تعالى : اخسئوا فيها ولا تكلمون ( 108 - المؤمنون ) وجميع هذا الشكل من المركز إلى المحيط شكل القرن أسفله ضيق وأعلاه واسع وهو الصور ، أي جامع الصور . فأهل الجنة في سعة المحيط وهو عليون وأهل النار في ضيق السفل وهو السجين ، فالنعيم والسرور بقدر السعة والعقاب والهموم والثبور بقدر الضيق ، فنسأل الله تعالى ان يجعلنا من أهل الله بعقولنا ومن أهل السعة بنفوسنا . آمين . 744 - 4 ثم [1] أول ما دارت الأفلاك وأعطت الاستحالات في الأركان وسخن العالم ، فأول ركن قبل الأثر ركن النار وهو الأثير ، فظهرت الكواكب ذوات الأذناب وهى احتراقات وتكوينات سريعة الاستحالة ونجوم سريعة الفساد ، وكانت رجوما عند بعث محمد صلى الله عليه وآله ، فما يلي منها العلو أطفأه برد السماء وما يلي السفل اطفأه الزمهرير والبحر المسجور ، فانتشأ في هذا الركن عالم الجن بين سعيد وشقى ، فمن غلب نور روحانيته على نار طبيعته سعيد ومن بالعكس شيطان ولما فيه من البرودة والرطوبة ، لأنه ممتزج الأصل يقبل العذاب بالنار ، وانما نسب إلى النار لأنه العنصر الغالب فيه كعنصر التراب فينا ، وكان للجن قبل مبعث محمد صلى الله عليه وآله مسالك في كرتهم نحو السماء يسلكون ليستمعوا حديث الملأ الاعلى الفلكي ، وكان الحكم من آدم إلى محمد صلى الله عليه وآله على ما رتبه الحق للملك الكريم المخلوق على صورة السنبلة ، إذ كانت النشأة الانسانية ترابية ، فلم يكن النجوم ذوات الأذناب بتلك الكثرة لغلبة الجمود والسكون الذي يقتضيه البرودة واليبس .
[1] - باب في النكاح والتوالد - ط - ص : 87 عقلة المستوفز