بالتعين ، لان تلك المقارنة بعين الوجود بخلاف ما لا ماهية له غير الوجود ، فإنه في نفسه واتصافه بالوجود منزه عن التعين - لعدم احتياجه إلى غير ذاته - لان ذلك الاحتياج هو المنبع للحاجات والمحتد للتعينات . فقوله : لا تحقق للعام . . . إلى اخره ، انما يتصور في القسم الأول ويتعالى القسم الثاني عن ذلك ، فعند تحقيقه كما ينبغي يتحقق كون الحق تعالى واجبا وجوده أزليا أبديا ومستغنيا عن مطلق التعين ، وعدم منافاة ذلك توقف ظهور بعض كمالاته الأسمائية على بعض التعينات الكلية أو الجزئية التي هي شؤونه وأوصافه ومقتضيات ذاته ، لكن بحسب شروطها للمظهرية وتتسلق [1] بذلك إلى التحقيق بالتوحيد الذاتي والاسمائي والافعالي ان وفقت . 302 - 3 واعلم أن المنكرين ان حقيقة الحق هي الوجود المطلق من أهل النظر والمتكلمين لهم شبه جمعها في شرح المقاصد وارتضاها ، ولا بد من دفعها ، رفعا لتردد الضعفاء وتنبيها لمن يزعم بعد التباهي بها التناهى في رئاسة الحكماء والعلماء ، انه لم يكد يحوم حول معرفة حقائق الأشياء ، فعياذا بالله من الجهل المركب فضلا عن المباهاة باللفظ المرتب ، اللهم عفوا وغفرا ولا تكلنا إلى أنفسنا كشفا وسترا ، ولا تبتلنا بما لا ترضاه سرا وجهرا ، وأصلح لنا شأننا فكرا وذكرا . 303 - 3 الشبهة الأولى : ان المطلق لا تحقق له الا في الذهن والواجب من يجب وجوده في الخارج [2] .
[1] - تسلق الجدار ، أي : صعد عليه . تنساق - ن - ع [2] - قوله : الشبهة الأولى . . . إلى اخره ، هذه الشبهة وجوابها في غاية السقوط ، اما الشبهة فلانها ناشئة من اشتباه المفهوم الذهني بالحقيقة الخارجية ، فالاطلاق الذي نحن بصدد اثباته للحق تعالى هو عين الوجود الصريح الخارجي الذي لا تعين له ولا ماهية ، بل هو نور محض وحقيقة خالصة لا سبيل للبطلان إليه ولا طريق للبوار الذي هو التعين أو اللازم له إليه ، واما الاطلاق المفهومي فهو خارج عن حقيقة الحق عند الكل ، وليس أحد يتفوه به ، وبهذا يظهر سقوط الجواب أيضا ، فان الحق في الجواب ما عرفت وهو لا يبتنى على وجود الطبيعي وليس نسبة الحقيقة الحقة الإلهية الاطلاقية مع مفهوم الوجود المطلق نسبة الماهية مع افرادها - كما هو أظهر من أن يخفى على أولي النهى - خ