من الكتب الإلهية على لسان أي رسول كان ، أو على قلوب عباده بطريق الإلهام ، ( لأكلوا ) أي ، الرزق المعنوي من العلوم والمعارف والحكم . ( من فوقهم ) أي ، من ربهم الذي يطعمهم ويربيهم من الجهة الفوقية . ( ومن تحت أرجلهم ) ، أي ، لأكلوا رزق الوجدانيات ولذاقوا ذوق التجليات ونالوا الحالات الذوقية والواردات الإلهية التي تحصل بالسلوك بالأرجل [11] والحق هو المطعم والمربى من جهة التحتية أيضا ، كما نسبها رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، بقوله : ( لو دليتم بحبل لهبط على الله ) . ( ولو لم يكن العرش على الماء ، ما انحفظ وجوده ، فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي . ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي ، [12] تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص . ) أما العرش الجسماني ، فإنه لو لا الهيولى القابلة للصورة الجسمانية ، لما كان للصورة العرشية وجود ضرورة . وأما العرش بمعنى ( الملك ) فإنه لو لا النفس الرحماني القابل لصور حقائق العالم ، لما كان شئ منها موجودا ، فضلا عن دوامها . وأما السماوات والأرض التي كل منها عرش لاسم من الأسماء ، فلأنه لو لا وجود الماء المتعارف ، لما كان شئ منها موجودا . وقد تقدم أن الهيولى والنفس الرحماني يسمى في اصطلاح أهل الله ب ( الماء ) ، كما يسمى الماء
[11] - قوله : ( ولو أنهم أقاموا التورية والإنجيل . . . ) . أي ولو أنهم اتبعوا الشريعة التي هي إقامة التورية والإنجيل ، وغيرهما من الكتب المنزلة وأقاموها ، لحصل لهم الطريقة التي هي علم الأرجل وهو الطعام من التحت ، وعلم الحقيقة التي هي الطعام من الفوق . و هذا يدل على أن الطريقة والحقيقة لا يحصلان إلا من طريق الشريعة ، فإن الظاهر طريق الباطن . بل يفهم منه أن الظاهر غير منفك عن الباطن . فمن رأى أن الباطن لم يحصل له مع الأعمال الظاهرة واتباع التكاليف الإلهية ، فليعلم أنه لم يقم على الظاهر على ما هو عليه . ومن أراد أن يصل إلى الباطن من غير طريق الظاهر ، كبعض عوام الصوفية ، فهو على غير بينة من ربه . ( الامام الخميني مد ظله ) [12] - أي ، بحتف الأنف . ( ج )