ولا يقال : إن المراد ب ( الماء ) الذي عليه العرش والذي هو أصل العناصر هو ( العلم ) ، وإن كان يتجسد في المثال بصورة الماء ، لأن المراد بيان أصل الموجودات في الخارج ، لا في العلم . ( فهو يحفظه من تحته ، كما أن الإنسان خلقه الله عبدا ، فتكبر على ربه وعلا عليه ، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه . ) و في بعض النسخ : ( بربه ) . وكلاهما صحيح . لأن الجاهل بالنفس جاهل بالرب و بالعكس . أي ، فالماء الذي هو النفس الرحماني ، يحفظ هذا الملك وتعيناته من تحته ، أي باطنه . كما أن الحق سبحانه يحفظ الإنسان الجاهل بنفسه وعبوديته من باطنه وغيبه ، نظرا إلى علو مرتبته من حيث حقيقته ومكانته الزلفى عند الله ، وهو يدعى الربوبية ويتكبر على الله من جهله بنفسه وعبوديتها ، [5] إذ لو لم يكن حفظ الحق تعالى له وللعالم كله من الباطن ، لانعدم في الحال ، فإنه بلا وجود عدم . ( وهو قوله ، عليه السلام : ( لو دليتم بحبل لهبط على الله ) . فأشار إلى أن نسبة التحت إليه ، كما أن نسبة الفوق إليه . ) وفي بعض النسخ : ( كما نسبة الفوق إليه ) . ف ( ما ) زائدة . كقوله : ( فبما رحمة من الله ) . ( في قوله : ( يخافون ربهم من فوقهم ) ( وهو القاهر فوق عباده ) . فله الفوق والتحت . ) أي ، هذا المعنى المذكور هو معنى قوله ، صلى الله عليه وسلم : ( لو دليتم بحبل لهبط على الله ) . وإنما كان نسبة الفوقية والتحتية إليه سواء ، لأن الحق محيط بالظاهر والباطن على العالم ، فكما تنسب إليه الفوقية ، تنسب إليه التحتية . فله الفوق والتحت جميعا ، لأنهما من جملة مراتبه الوجودية . ( ولهذا ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان ، وهو على صورة الرحمان . ) أي ، ولكون نسبة الفوقية والتحتية ، بل نسبة جميع الصفات المتقابلة ، إلى الله تعالى سواء ، ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان ، لكونه هو المخلوق على