( فافهم هذا السر في ذكر الغافلين . ) تحريص للسالك الطالب لأسرار الوجود ، ليتنبه من هذا القول ويعلم أن لوازم الوجود موجودة في كل ماله وجود ، إلا أنها ظاهرة الوجود في البعض ، وباطنة في الآخر . ( فالذاكر ) الذي هو اللسان . ( من الغافل حاضر بلا شك ، والمذكور جليسه ، فهو يشاهده . ) أي ، فالذاكر يشاهد الحق . ( والغافل من حيث غفلته ليس بذاكر ، فما هو ) أي ، فليس الحق ( جليس الغافل . ) وقوله : ( فان الإنسان كثير ، ما [12] هو إحدى العين ، والحق إحدى العين ، كثير بالأسماء الإلهية [13] كما أن الإنسان كثير بالأجزاء ، وما يلزم من ذكر جزء ما ، ذكر جزء آخر . ) تعليل لجعله اللسان ذاكرا والإنسان غافلا . ومعناه : أن الإنسان من حيث إنه مركب من حقائق مختلفة ، روحانية وجسمانية ، كثير ليس إحدى العين ، وإن كان من حيث كليته المجموعية أحديا . وما يلزم من ذكر جزء ما ، ذكر جزء آخر . وقوله : ( والحق أحدي العين . ) إلى قوله : ( بالأجزاء ) إعتراض أورده للمناسبة الرابطة بين الإنسان وربه . وهي : إن كلا منهما أحدي من وجه ، كثير من وجه آخر . ( فالحق جليس الجزء الذاكر منه ، والآخر . ) أي ، والجزء الآخر من الإنسان . ( متصف بالغفلة عن الذكر . ولا بد أن يكون في الإنسان جزء يذكر به ويكون الحق جليس ذلك ، فيحفظ باقي الأجزاء بالعناية . ) كما يحفظ العالم بوجود الكامل الذي يعبد الله في جميع أحواله - ولذلك لا تخرب الدنيا ولا يستأصل ما فيها ما دام الكامل فيها - أو من يقول : ( الله ، الله ) . كما جاء في الحديث
[12] - ( ما ) حرف نفى . [13] - وفي كلمات أئمتنا : ( أنه أحدي الذات وأحدي المعنى ) والمراد ب ( المعنى ) الصفات الزائدة التي يقول بها الأشاعرة من أصحاب هذا الشارح العلامة . ( ج )