فسمى الملك ( أمرا ) ، لكونه موجودا بالأمر كما يسمى عالم الأرواح ب ( الأمر ) . ( ومن تولاها بغير أمر الله ، فقد ظلم نفسه وتعدى حد الله فيها وسعى في خراب ما أمر الله تعالى بعمارته . ) ضمير ( تولاها ) ( النشأة ) . أي ، من تولى حل نظام هذه النشأة الإنسانية بغير أمر الله ، أي بغير الأمر الشرعي - لا أمر المشيئة ، فإن ذلك محال إذ لا يقع شئ إلا بالمشيئة - وتعدى حدود الله التي وضعها في محافظة النشأة الإنسانية وسعى في خراب هذه النشأة التي أمر الله بعمارتها ، فقد ظلم نفسه . كما قال : ( ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ) . فجواب الشرط مقدر بعد الجمل الثلاث . ( واعلم ، أن الشفقة على عباد الله أحق بالرعاية من الغيرة [8] في الله . ) أي ، من القتل بالغيرة في الله . ( أراد داود بنيان البيت المقدس ، فبناه مرارا . فكلما فرع منه تهدم فشكى ذلك إلى الله ، فأوحى الله إليه أن بيتي هذا ، لا يقوم على يدي من سفك الدماء . فقال داود : يا رب ، أ لم يكن ذلك ) أي ، ذلك القتل . ( في سبيلك ؟ قال : بلى ، ولكنهم أليسوا عبادي ؟ فقال : يا رب ، فاجعل بنيانه على يدي من هو منى . فأوحى الله إليه : إن ابنك سليمان يبنيه . فالغرض من هذه الحكاية مراعاة هذه النشأة الإنسانية ، وأن إقامتها أولى من هدمها . ألا ترى عدو الدين قد فرض الله في حقهم الجزية والصلح ، إبقاء عليهم ، وقال : ( وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله ) . ) أي ، إن مالوا إليك للإنقياد والصلح معك ، فمل إليهم وأعطهم ما سألوك . وضمير ( لها ) عائد إلى ( السلم ) لأنه مؤنث سماعي . ( ألا ترى من وجب عليه القصاص ، كيف شرع لولى الدم أخذ الفدية أو العفو ، فإن أبى فحينئذ يقتل . ألا تراه سبحانه ، إذا كان أولياء الدم جماعة ، فرضي واحد بالدية أو عفى [9] وباقي الأولياء لا يريدون إلا القتل ، فكيف يراعى من عفى و