التقرير ، لا العمل بما جاء به ذلك الشرع ، إلا ما تعلقت المشيئة أيضا بعمله . ( فالمشيئة سلطانها عظيم ، ولهذا جعلها أبو طالب [20] ( عرش الذات ) ) [21] أي ، مظهرا به يظهر مقتضيات الذات في الوجود العلمي والعيني ، ( لأنها لذاتها تقتضي الحكم ، فلا يقع في الوجود شئ ولا يرتفع خارجا عن المشيئة ، فإن الأمر الإلهي إذا خولف هنا بالمسمى ( معصية ) ) أي ، بما يسمى معصية . ( فليس إلا الأمر بالواسطة . لا الأمر التكويني ) أي ، الأمر قسمان : أمر بواسطة المظاهر ، كالأنبياء والأولياء والمجتهدين ، وأمر بغير الوسائط . وما لا واسطة فيه ، وهو الأمر التكويني ، لا يمكن المخالفة فيه ، كقوله تعالى : ( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون ) . وما كان بالواسطة ، فقد يقع المخالفة فيه . لذلك آمن بعض الناس بالأنبياء وكفر بعض ، وممن آمن أتى بجميع أوامرهم بعضهم ، ولم يأت بعضهم . ( فما خالف الله أحد قط في جميع ما يفعله من حيث أمر المشية . ) لأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ( فوقعت المخالفة من حيث أمر الواسطة . فافهم . ) أي ، فالمخالفة ما وقعت إلا في أمر الواسطة . ( وعلى الحقيقة فأمر المشيئة إنما يتوجه إلى إيجاد عين الفعل ، لا على من ظهر على يديه فيستحيل أن لا يكون ، ولكن في هذا المحل الخاص ) أي ، لا يتعلق أمر المشيئة على الحقيقة إلا بإيجاد عين الفعل ، لكن في هذا المحل الخاص ، لا على فاعله ليلزم أن يكون عدم الفعل منه مستحيلا . فالمحل شرط صدور الفعل ، وتعلق
[20] - مراد أبو طالب مكي ، محمد بن على ، مؤلف قوت القلوب مى باشد كه به سال 383 ه ق در دار السلام بغداد رحلت نمود . [21] - إن كان المراد بها هي المشيئة الذاتية التي يعبر عنها غالبا ب ( الإرادة ) تكون عرش الذات الأحدي الجمعي ومستواه . وإن كان المراد بها المشيئة المصطلحة ، أي ( الفيض المقدس الإطلاقي ) ، تكون عرش الذات الإلهي . وبالأول يظهر الوجود العلمي في النشأة العلمية وحضرة الأعيان ، وبالثاني الوجود العيني في النشأة الكونية وحضرة الإمكان . ( الامام الخميني مد ظله ) * واعلم ، أن المشيئة يتعلق بظهور الأسماء والأعيان عن التعين الأول في المرتبة الواحدية و تعين الثاني ، ويظهر أحكام الأعيان في الخارج . ومن هذه الجهة عبر أبو طالب المكي عن المشيئة ب ( عرش الذات ) . قال الإمام ، على بن موسى ، عليه السلام ، ليونس بن عبد الرحمن : ( يا يونس ، أتعرف المشيئة ؟ قال : لا . ثم قال ، عليه السلام : المشيئة هي الذكر الأولى ) . ثم قال : ( أتعرف ما الإرادة ؟ قال : لا . ثم قال : هي العزيمة على ما يشاء ) . ( الأصول الكافي الشريف ، كتاب التوحيد ، باب الجبر والقدر والأمر بين الأمرين ، الحديث الرابع ) . ومن هذا الحديث الولوي الشريف يظهر أن الإرادة هي الظل الممدود للمشيئة وتكون من تعيناتها ، والمشيئة هي الذكر الأولى ويتنزل وتظهر بصورة الإرادة ، والإرادة تتنزل وتظهر في الحقائق الوجودية وتقبل الأسماء المتعددة . ( طبايع جز كشش كارى ندانند حكيمان اين كشش را عشق خوانند ) . وفي كلامهم ، عليهم السلام : ( لا يكون شئ في السماء والأرض إلا عن علم ومشيئة وإرادة و قضاء وإمضاء ) . وورد أيضا : ( علم وشاء وأراد و . . . ) . تقدم ( مشيت ) بر ( اراده ) وتقدم ( علم ) بر اين دو ، وذكر اراده بعد از مشيت ، كثير الدور است در لسان مبارك ساداتنا وأئمتنا عليهم السلام . ( ج )