عن الله تعالى ، فقال : ( فاحكم بين الناس بالحق ) . وخلافة آدم قد لا تكون من هذه المرتبة ، فتكون خلافته أن يخلف من كان فيها قبل ذلك ، لا أنه نائب عن الله في خلقه بالحكم الإلهي فيهم . وإن كان الأمر كذلك وقع ، ولكن ليس كلامنا إلا في التنصيص عليه والتصريح به . ) أي ، اختص داود ، عليه السلام ، بالخلافة في الحكم ، ليحكم على العالمين بالحق . وليست هذه الخلافة إلا عن الله ، فإن الله هو الحاكم على عباده لا غيره . وخلافة آدم وإن كانت أيضا واقعة من الله ، لكن لما لم يكن منصوصا عليه بالخلافة من الله في الحكم ، يمكن أن يتوهم متوهم أنه خليفة ممن سبقه من الملائكة أو غيرها . ( وانه ) وفي بعض النسخ عوض ( وإنه ) : ( ولله في الأرض ) [5] ( خلائف عن الله هم الرسل . وأما الخلافة اليوم فعن الرسل لا عن الله . ) الضمير للشأن . أي ، والشأن أنه في الأرض خلفاء عن الله ظاهرا وباطنا . أما ظاهرا ، فهم الرسل ومتابعوهم من العلماء بالشرائع والأحكام الإلهية ، كالأئمة والمجتهدين في الأمة المحمدية [6] وأما باطنا ، فكالكمل والأقطاب ، وسنذكره . ( فإنهم لا يحكمون إلا بما شرع لهم الرسول ، لا يخرجون عن ذلك . غير أن هاهنا دقيقة لا يعلمها إلا أمثالنا ، وذلك في أخذ ما يحكمون به مما هو شرع للرسول . ) الدقيقة هي أن الأولياء الكمل لغاية صفاء بواطنهم وظهور الحق و
[5] - أي ، في بعض النسخ لا تكون لفظة ( وأنه ) . وفي بعض آخر ( أنه ) بدل ( وأنه ) . ( ج ) [6] - قول الشارح : ( ومتابعوهم من العلماء . . . ) ليس شرحا مطابقا للمتن . بل قوله في المتن : ( وأما الخلافة اليوم فعن الرسل لا عن الله ) وكذا ما سيأتي من قوله : ( فالخليفة عن الرسول من يأخذ الحكم بالنقل عنه ) . إذ بالاجتهاد الذي أصله أيضا منقول عنه يخالفه ، كما لا يخفى . وأيضا ، إذا عد العلماء بالشرائع والكمل والأقطاب كلهم خلائف عن الرسول ، على حد تقرير الشارح ، لم يبق للخلافة عن الرسل مصداق وموضوع . يظهر بالتأمل . ثم أقول : والتحقيق أن خليفة الرسول يجب أن يكون خليفة الله بالنص منه ، تبارك وتعالى عليه ، ويجب أن تكون هو قطب الأقطاب ، لا القطب الجزئي ، ليأخذ الحكم من معدن أخذ الرسول ، فإن الخليفة في حكم المستخلف عنه فيما يتعلق بالخلافة . ( ج )