من كل شئ ) . وقال : ( وكلا آتيناه حكما وعلما ) . وقالا شكرا لتلك النعمة : ( الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين ) . ولكون داود ، عليه السلام ، أول من ظهر فيه أحكام الخلافة بتمامها ، صرح الحق بخلافته ، ولم يصرح في آدم مخاطبا فقال : ( يا داود ، إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ) . فناسب أن يقرن الحكمة الوجودية الخصيصة بالإنسان بهذه الكلمة الداودية . والله أعلم . ( اعلم ، أنه لما كانت النبوة والرسالة اختصاصا إلهيا ليس فيها شئ من الاكتساب ، أعني نبوة التشريع ، كانت عطاياه تعالى لهم ، عليهم السلام ، من هذا القبيل ) أي ، من قبيل الاختصاص والامتنان : ( مواهب ليست جزاء ولا يطلب عليها منهم جزاء . فإعطاؤه إياهم على طريق الإنعام والإفضال ) قد تقدم مرارا أن الحق تعالى لا يعطى أعيان العالم إلا ما يقتضيه بأعيانها واستعداداتها الثابتة في حال عدمها . فالنبوة والرسالة اللتان هما اختصاص إلهي في حق المصطفين من عباده وإن كان بحسب العناية الإلهية ، لكنها أيضا ترجع إلى أعيانهم . كما قال في ( الفص الشيثي ) . إلا أنه من جهة العبد عناية من الله سبقت له ، هي من جملة أحوال عينه يعرفها صاحب هذا الكشف . فقوله : ( اختصاصا إلهيا ) لا ينافي اقتضاء أعيانهم ذلك ، بل الاقتضاء علة الاختصاص في الفيض المقدس ، وفي الفيض الأقدس علة اقتضاء الأسماء الأول ، فلا يرد . والغرض أنهما ليستا مكتسبتين بالأعمال والعبادات ، فهما موهبتان من الله تعالى من حيث اسمه ( الوهاب ) و ( الجواد ) . وليستا جزاء لعمل ، ولا يطلب الحق عليهما منهم جزاء ، أي عملا على إزائهما ، أو شكرا وثناء على عطائهما . فإعطاؤه ، أي إعطاء الحق ، إياهم النبوة والرسالة على طريق الإنعام عليهم والإفضال في حقهم . ( فإعطاؤه ) إضافة إلى الفاعل ، وأحد المفعولين محذوف . وإنما قيد ( نبوة التشريع ) ، لأن النبوة العامة التي تلزم الولاية خارجة عن هذا الحكم ، فإن الولاية في المحبين مكتسبة وفي المحبوبين غير مكتسبة . و