نسبوا إلى الكفر وهو الستر ، لأنهم ستروا الله الذي أحيا الموتى بصورة بشرية عيسى ، عليه السلام . ) أي ، فأدى نظر بعضهم فيه إلى القول بالحلول ، فقالوا : إن الله حل في صورة عيسى ، فأحيى الموتى . وقال بعضهم : إن المسيح هو الله . ولما ستروا الله بالصورة العيسوية المقيدة فقط ، نسبوا إلى الكفر . ( فقال الله تعالى : ( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن مريم ) . فجمعوا بين الخطأ والكفر في تمام الكلام كله . ) أي ، جمعوا بين الكفر ، وهو ستر الحق بالصورة العيسوية ، وبين الخطأ ، وهو حصر هوية الله في كلمة العيسوية . والمراد بقوله : ( في تمام الكلام ) أي ، بمجموع قولهم ، ( إن الله هو المسيح بن مريم ) . جمعوا بين الكفر والخطأ . ( لا بقولهم هو الله ، ولا بقولهم ابن مريم . ) [23] لأن قولهم : ( هو الله ) أو ( الله هو ) صادق من حيث إن هوية الحق هي التي تعينت وظهرت بالصورة العيسوية ، كما ظهرت بصورة العالم كله . وقولهم : ( المسيح بن مريم ) أيضا صادق ، لأنه ابن مريم بلا شك ، لكن تمام الكلام ومجموعه غير صحيح ، لأنه يفيد حصر الحق في صورة عيسى ، وهو باطل ، لأن العالم كله غيبا وشهادة صورته ، لا عيسى فقط . ( فعدلوا بالتضمين من الله من حيث أحيا الموتى إلى الصورة الناسوتية البشرية بقولهم :
[23] - في جميع النسخ : ( لا بقولهم هو الله ، ولا بقولهم ابن مريم ) . وفي نسخة الشارح الكاشاني ونسخة العفيفي ، ط القاهرة ، حفت بالأمان : ( لأنه لا بقولهم هو الله . . . ) . بناء على النسختين ، الضمير إنما هو للشأن . أو راجع إلى ( الكفر ) . وزعم الأستاذ المعاصر المصري ( قده ) أن الضمير في ( لأنه ) عائد إلى ( الجمع بين الخطاء والكفر ) . ثم ، قال في تعليق نسخة الفصوص : ( وجميع الشراح ، عدا الجامي والقيصري ، يسقط ( لأنه ) . مع أن لفظة ( لأنه ) موجودة في نسخة الشارح الكاشاني والجامي : ( لا لأنه ) ) . وأما في نسخة القيصري المكتوبة من نسخة الأصل وغيرها من النسخ التي عندنا ، لفظة ( لأنه ) غير موجودة . والشاهد على ذلك شرحه ، أي القيصري ، على هذا الموضع من المتن . ويمكن إرجاع الضمير إلى ( الكفر ) لأنه ليس الكفر بقولهم هو الله ولا بقولهم ابن مريم . ( ج )