طريق الامتنان عليه ، كانت المشاهدة من جانب النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أيضا بطريق الامتنان من الله ، إذ لو لا توفيقه لتلك المشاهدة ، ما كانت حاصلة . فلذلك قال : ( جعلت ) على المبنى للمفعول ، ولم يقل : جعلت . على المبنى للفاعل . ( ليس ) قرة عينه ( إلا مشاهدة المحبوب التي تقربها عين المحب من الاستقرار ، فيستقر العين عند رؤيته ، فلا ينظر معه إلى شئ غيره ) قوله : ( تقر ) بفتح ( القاف ) وبكسرها [23] والأول للسرور ، والثاني للقرار . وقوله : ( من الاستقرار ) أي ، مأخوذة من الاستقرار ، لأن عين المحب الطالب إذا رأت محبوبه ومطلوبه ، تستقر ولا تلتفت إلى غيره ، ويكون صاحبه مسرورا قرير العين . ولو كانت ( القرة ) من ( القر ) بمعنى ( البرد ) ، كانت أيضا دليلة على المسرة ، فإن عين المسرور تبرد لقرار باطنه فيما وجده ، وعين المغموم تسخن لاضطراب باطنه وحصول الحركة فيه إلى رفع ما يجده . وقوله : ( في شئ وغير شئ . ) متعلق ب ( الرؤية ) . أي تستقر عين المحب عند رؤية محبوبه في صورة من صور المجالي ، كما تجلى لموسى ، عليه السلام ، في صورة النار ، ولنبينا صلى الله عليه وسلم ، في صورة أمرد - كما جاء في الخبر الصحيح . وفي غير صورة ، كالتجلي الذاتي الذي لا يرى المتجلى له فيه شيئا إلا صورته لا غير . كما مر في الفص الثاني . فلا يتوهم أنه متعلق بقوله : ( فلا ينظر ) . ويجوز أن يكون متعلقا بقوله : ( فلا ينظر ) . أي ، فلا ينظر معه في شئ موجود تعلقت المشية بوجوده ، وغير شئ [24] أي ، فيما لم يتعلق بوجوده المشية من الأعيان والنسب إلى شئ غيره ، أي ، إلى جهة الغيرية . وفيه نظر ( 25 )
[23] - تقر . [24] - لأنه لما قال : ( فلا ينظر معه إلى شئ غيره ) . فهم منه العموم ولا حاجة بعد إلى قوله : ( في شئ وغير شئ ) . ( ج )