من الصفات الكمالية الإلهية . ( ومن حيث ما يحمد ويذم ، فهو طيب وخبيث . ) أي ، ومن حيث إن القول بعضه محمود وبعضه مذموم ، ينقسم بالطيب والخبيث ويوصف بهما . ( فقال في خبث الثوم : هي شجرة خبيثة أكره ريحها . ولم يقل : أكرهها . فالعين لا تكره ، وإنما يكره ما يظهر منها . والكراهة لذلك ) أي ، لما يظهر منها : ( إما عرفا ، أو بعدم ملائمة طبع ، أو غرض ، أو شرع ، أو نقص ) أي ، بسبب شرع أو بسبب نقص ( عن كمال مطلوب وما ثم غير ما ذكرناه . ) للاختلاف بحسب الطبائع والأغراض والشرائع قد يكون الشئ محمودا بالنسبة إلى البعض ومذموما بالنسبة إلى الآخر ، حراما في شرع ، حلالا في آخر ، كمالا بالنسبة إلى شئ ، نقصانا بالنسبة إلى الآخر . ( ولما انقسم الأمر إلى خبيث وطيب - كما قررناه - حبب إليه الطيب دون الخبيث ووصف النبي ، صلى الله عليه ، الملائكة بأنها تنادي بالروائح الخبيثة لما في هذه النشأة العنصرية من التعفين . ) ولما كان الإنسان مخلوقا من النشأة العنصرية و فيه شئ من التعفين ، قال : ( فإنه ) أي ، فإن الإنسان ( مخلوق من ( صلصال من حمأ مسنون ) . أي ، متغير الريح . فتكرهه الملائكة بالذات ) أي ، فتكره الملائكة الإنسان المتغير الريح الذي هو الخبيث بذواتهم ، لطهارة نشأتهم عن العفونات والفضلات المنتنة . ولذلك أمرنا بطهارة الثوب والبدن ودوام الوضوء . واستحب استعمال الروائح الطيبة لتحصل المناسبة بيننا وبين الملائكة ، فتلحق بالطيبن ( كما أن مزاج الجعل يتضرر برائحة الورد ، وهي من الروائح الطيبة ، فليس ريح الورد عند الجعل بريح طيبة . ومن كان على مثل هذا المزاج معنى وصورة ، أضر به الحق إذا سمعه ، وسر بالباطل ) ( وهو ) أي ، هذا المعنى المذكور ( قوله : ( والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله ) . ووصفهم بالخسران فقال : ( أولئك هم الخاسرون الذين خسروا أنفسهم ) فإنه من لم يدرك الطيب من الخبيث ) أي ، من لم يدرك المعنى الطيب الذي هو مدرج في الخبيث وباطن فيه ولم يميز بينهما ( فلا إدراك له . )