النوريين على عظم قدرهم ومنزلتهم وعلو نشأتهم الطبيعية . فمن هناك وقعت المناسبة ) أي ، ومن هذا الحنين الذي بين الطرفين وقعت المناسبة بين العبد وربه ، فإنه يحن إلى الرب ، والرب يحن إلى عبده . وقيل أي ، بالصورة بين الرجل والمرأة ، كما بين الحق والرجل . وفيه نظر . لأنه يذكر الصورة ويجعلها أعظم مناسبة من هذه المناسبة بقوله : ( والصورة أعظم مناسبة ) بالنصب على التمييز . أي ، والحال أن كونه مخلوقا على صورته هو أعظم من جهة المناسبة المذكورة . أو بالجر على الإضافة . أي ، والحال أن كون الإنسان مخلوقا على صورة الحق أعظم مناسبة من المناسبات الواقعة بين العبد وربه . ( وأجلها وأكملها : فإنها زوج ، أي ، شفعت وجود الحق ، كما كانت المرأة شفعت بوجودها الرجل فصيرته زوجا . ) أي ، فإن الصورة الإنسانية جعلت الصورة الرحمانية زوجا ، كما جعلت صورة المرأة صورة الرجل زوجا . ( فظهرت الثلاثة : حق ، ورجل ، وامرأة . ) أي ، فحصلت الفردية و بإزائها في النسخة الإنسانية : الروح ، والقلب ، والنفس . ( فحن الرجل إلى ربه الذي هو أصله حنين المرأة إليه . فحبب إليه ربه النساء كما أحب الله من هو على صورته . ) فلذلك حن إلى القلب والنفس ، وما يتبعها من عرشها ومستقرها وسدنتها ، وهو البدن وقواه البدنية . ( فما وقع الحب ) أي ، حب الرجل ( إلا لمن تكون عنه ) وهو المرأة . ( وقد كان حبه . ) أي ، حب الرجل ( لمن تكون منه وهو الحق . فلهذا قال : ( حبب ) ولم يقل : أحببت من نفسه . ) أي ، فلأجل أنه كان محبا لربه لا غير ، وربه جعله محبا للنساء لظهور هويته فيهن ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : حبب إلى . ولم يقل : أحببت من نفسه ( لتعلق حبه بربه الذي هو على صورته حتى في محبته لامرأته . ) أي ، حتى أن محبته لامرأته كانت بواسطة المحبة الإلهية التي كانت مركوزة في جبلته وذاته ، لأنها مظهر من المظاهر الكلية التي يتفرع منها جميع المظاهر .