عن نفخه ) أي ، عن نفخ الحق فيه ( اشتعال بما في جسده من الرطوبة ) إنما جعل الأركان العنصرية أخلاطا ، لأنها أولا تصير أخلاطا ، ثم أعضاء . والمراد ب ( الاشتعال ) نار الحرارة الغريزية الحاصلة من سريان الروح الحيواني في أجزاء البدن المشتعلة بواسطة الرطوبة الغريزية . وهي له كالدهن للسراج ( فكان روح الإنسان نارا لأجل نشأته . ) أي ، ولما كانت نشأته الجسمانية عنصرية ، كان روحه نارا . أي ، ظهر روحه الحيوانية ، أو نفسه الناطقة ، بالصورة النارية الموجبة للاشتعال بالحرارة الغريزية . ( ولهذا ما كلم الله موسى إلا في صورة النار ، وجعل حاجته فيها . ) أي ، ولأجل أن الروح تظهر في البدن بالصورة النارية ، تجلى الحق لموسى ، عليه السلام ، فكلمه في صورة النار وجعل مراده فيها . ( فلو كانت نشأته طبيعية ، لكان روحه نورا . ) أي ، لو كانت نشأته غير عنصرية ، كنشأة الملائكة التي فوق السماوات وهي النشأة الطبيعية النورية ، لكان روحه ظاهرا بالصورة النورية . ( وكنى عنه ب ( النفخ ) يشير إلى أنه من نفس الرحمن ) أي ، وكنى عن ذلك الظهور والحدوث ب ( النفخ ) مشيرا إلى أنه حاصل من النفس الرحماني ( فإنه بهذا النفس الذي هو النفخ ظهر عينه ) أي ، بالوجود الخارجي حصل عين الروح في الخارج ، أو عين الإنسان . ( وباستعداد المنفوخ فيه ) وهو البدن ( كان الاشتعال نارا لا نورا . ) لأن بدن الإنسان عنصري لا طبيعي نوري . ( فبطن نفس الحق فيما كان به الإنسان إنسانا . ) أي ، استتر نفس الحق ، أي الروح الحاصل من النفس الرحماني ، في جوهر كان الإنسان به إنسانا . و هو الروح الحيواني الذي به يظهر هذه الصورة الإنسانية . ( ثم ، اشتق له منه شخصا على صورته سماه امرأة ، فظهرت بصورته ، فحن إليها حنين الشئ إلى نفسه ، وحنت إليه حنين الشئ إلى وطنه . ) أي ، إلى أصله . ( فحبب إليه النساء ، فإن الله أحب من خلقه على صورته ، وأسجد له ملائكته