في الحال واستيلائه على النفس ) أي ، لغلبة حكم ذلك السبب القريب واستيلائه على نفس المحجوب . ( فكان الخوف لموسى ، عليه السلام ، مشهودا له بما وقع من قتله القبطي ، [20] و تضمن الخوف حب النجاة من القتل . فقر لما خاف ) في الظاهر ( وفي المعنى ففر لما أحب النجاة من فرعون وعمله . ) لأنه ما كان على طريق الحق ( به ) أي ، بالفرار حصل النجاة من فرعون وعمله . لذلك قال له شعيب ، صلوات الله عليه : ( لا تخف نجوت من القوم الظالمين ) . تنبيها لسبب حركته . ( فذكر ) موسى ( السبب الأقرب المشهود له في الوقت ) أي ، في وقت الملاقاة معه ( الذي هو كصورة الجسم للبشر . وحب النجاة تضمن فيه تضمين الجسد للروح المدبر له . ) قوله : ( الذي ) صفة ( السبب الأقرب ) . أي ، هو كالصورة ، وحب النجاة مدرج فيه كالروح ، كما أن الصورة الجسمية متضمنة لروحها ( والأنبياء ، صلوات الله عليهم لهم لسان الظاهر به يتكلمون لعموم أهل الخطاب ، واعتمادهم على فهم السامع العالم . فلا تعتبر الرسل ، عليهم السلام ، إلا العامة ، لعلمهم بمرتبة أهل الفهم ، كما نبه ، عليه السلام ، على هذه الرتبة في العطايا ، فقال : ( إني لأعطي الرجل ، وغيره أحب إلى منه ، مخافة أن يكبه الله في النار ) . ) تقديره : أنى لأعطي الرجل مخافة أن يكبه الله في النار ، والحال أن غيره أحب إلى منه . ومعنى ( يكبه ) يدخله فيها [21] وقال أيضا : ( لو كان العلم
[20] - روى الشيخ العارف الكامل المكمل عن أمير المؤمنين على ، عليه السلام ، ( في تأويلاته ، سورة ( طه ) ، ص 49 ) في مقام بيان تفسير آية الكريمة : ( فأوجس في نفس موسى خيفة ) . : ( لم يوجس موسى خيفة على نفسه ، إنما خاف من غلبة الجهال ودولة الضلال ) . ( ج ) [21] - والحديث الذي ذكره الشيخ ، رضى الله عنه ، نقله البخاري عن ابن ثعلب ، قال رسول الله ، عليه السلام : ( أما بعد ، فالله إني لأعطي الرجل وأدع الرجل . والذي أدع أحب إلى من الذي أعطى ، ولكن أعطى أقواما لما يرى في قلوبهم من الجزع والهلع ، وأكل أقواما إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير ، منهم عمرو بن ثعلب ) . وفي حديث آخر ، أخرجه ابن حنبل أحمد في مسنده ، والنسائي عن سعيد ، قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : ( إني لأعطي رجالا ، وأدع من أحب إلى منهم ، لا أعطيه شيئا مخافة أن يكبوا في النار على وجوههم ) . يكبه ، أي ، يلقيه ويسقطه في النار أو في البحر . في صحيح البخاري ومسلم قال رجل يوم حنين : ( والله إن هذه القسمة ما عدل فيها ولا تريد بها وجه الله ) . فتغير وجه رسول الله ، عليه السلام ، ثم ذكر : ( رحم الله أخي موسى قد أوذي بأكثر من هذا ، فصبر ) . كان كلامه هذا شفقة عليهم ونصحا في الدين ، لا تهديدا ولا تثريبا . اللهم العن حكاما سلطوا على الناس خدعة وبنوا بنيان تسلطهم على التهديد والتثريب وإرهاق دماء الأبرياء وجعلوا الدين وسيلة للسلطة ويلعبون بالكتاب والسنة