الجهات التي يفرضها العقل . ولهذا المعنى قال أولا : ( ومما يدلك على ضعف النظر العقلي ) ونسب الضعف إليه . ( وإذا كان الأمر في العلية بهذه المثابة ، فما ظنك باتساع النظر العقلي في غير هذا المضيق ) أي ، إذا كان الأمر الإلهي وشأنه عند التجلي بهذه المثابة في العلية ، حيث يجعل المعلول علة لعلته ، فما ظنك في غير هذا المضيق من المواضع التي يكون مجال التعقل فيها واسعا ، ويجوز عليها أمورا شتى . ( فلا أعقل من الرسل ، صلوات الله عليهم ) ، لأنهم يشاهدون الأمر على ما هي عليه بالتجلي الإلهي . ( وقد جاءوا بما جاءوا به في الخبر ) أي ، جاءوا بما جاءوا من المعاني الغيبية في صورة الخبر المروى عنهم . ( من الجناب الإلهي ، فأثبتوا ما أثبته العقل وزادوا فيما لا يستقل العقل بإدراكه ، وما يحيله العقل رأسا ويقر به في التجلي الإلهي . ) وإنما كانوا أعقل الخلائق وأكملهم ، لأنهم كانوا منورون بالأنوار الإلهية ، مشاهدون للحقائق على ما هي عليها ، لذلك أخبروا عن الجناب الإلهي بما لا يستقل العقل بإدراكه وما يحيل نسبته إلى الله عقلا لإعطاء التجلي ذلك و إقراره لحقيقته [22] ( فإذا خلا بعد التجلي بنفسه ، حار فيما رآه . ) لأنه رجع إلى بشريته بارتفاع حكم التجلي عنه وغلب عليه عقله المانع من ذلك ، وهو لا يشك فيما رآه ، فتحصل الحيرة . ( فإن كان عبد رب ، رد العقل إليه ، وإن كان عبد نظر ، رد الحق إلى حكمه . ) أي ، فإن كان المتجلى له عبد الحق ، رد عقله إليه ، وإن كان عبد العقل ، رد الحق إلى حكم العقل ويؤوله . كما نشاهده اليوم في العلماء الظاهريين أنهم إذا سمعوا آية من الآيات ، أو خبرا من الأخبار الدالة على طور فوق العقل ، يؤولون ذلك و ينزلونه إلى ما يحكم به عقولهم .